عادة ما تكون يداها ملطختين بحبر الكتابة، شعرها معقوف للخلف بواسطة قلم رصاص، أرضية غرفتها ممتلئة بأوراق بعضها أجهزت على آخر سطر فيه، والبعض الآخر فيه جمل قليلة مرتبكة..سعيدة هي بهذه الفوضى التي تعيشها، وبتلك الحياة الموازية التي تمنحها لها الكتابة.
كلما عزمت على مواجهة بياض الورق، تخلع عنها المرأة الواقعية التي يعرفونها..وتعود امرأة من حبر وورق، تدعو شياطين اللغة لتتحلق حولها، لترقص لهم على إيقاع الكلمات..مخمورة بنبيذ الحروف، تذوب وتتلاشى حتى تفقد الإحساس بحواسها، وبذاكرة مثقلة بهواجسها. وتتحول لكائن حبري، يصنع تصوفه الخاص كلما حام حول نفسه لاهثا مرتشفا من ماء الحياة..تتغزل بالحرف وتغري الورق، وتحتضن القلم قائلة هيت لك..
كلما توغلت فيه، وتوغل بها، ترتعش يداها، وتغمض عينيها، لتشعر لذة خط الحروف على الورق..وتسلم نفسها كاملة ليخترق أكثر المسالك وعورة، ويعبر بها دهاليزها السرية.
وحين تقرر العودة من رحلتها..تعود منهكة، غير قادرة على استعادة نفسها من سلطان اللغة..فتبقى معلقة بين الواقع والأدب بخيط رفيع تضيع كلما أفلت منها.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.