mardi 5 mars 2019

الهدوء والضجيج توأمان // حسين الباز // المغرب


العلاقة بين الفن والهدوء ممنهجة ثقافيا على أساس خاطئ بأن الضجيج يفسد هذه العلاقة الحميمية بينهما ، وبالتالي ينظر إليه بعين المانع للإبداع ، فتقام طقوس للخلوة هروبا منه ، ولا مفر منه إلا إليه ، بحيث لو أصغينا لأصدائه لوجدنا في الإبداع وسط الضجيج فنا قائما بذاته ، فيه من الإيقاعات الصوتية ما تفتقر إليه قواميس اللغة العربية ، كطنين السيارات وطقطقة القطارات ، وصفير الطائرات ، وهتاف الباعة ، والصراخ الداخلي... بدل زقزقة طيور لا نسمعها ، أو صهيل خيول لا نملكها ، أو التغزل بامرأة أجرت عملية تجميل
لو أصغينا للضجيج لاستخرجنا منه إيقاعا جديدا يضاف لرصيد الفن الأدبي كما أدخل من قبل في الفن التشكيلي والموسيقي ، فكما نجد لوحات سريالية موحية للفوضى ، كذلك نجد نوتات مهولة بالصراخ
والكتابة في الغرب غنية الآن بمرادفات جديدة أحدثتها الكتابة السريالية ، في الوقت الذي لا يزال فيه كتاب الشرق يبحثون في قواميس اللغة عن مرادفات لم تعد مستعملة
الهدوء والضجيج توأمان لا يمكن الاستغناء عن أحدهما ، فإن وجدت أرضية للهدوء عبر عنها بواقعية ، أو وجدت أرضية للضجيج عبر عنه بسريالية دونما الحاجة للبحث عن طقوس بديلة




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.