vendredi 7 août 2020

خلف نقاب المرايا // عفاف بايزيد // الجزائر


انطوى إلى زاوية في غرفته بعدما لمت الشمس وشاحها عن نهاره الطويل، تلدغ أنفاس الفراغ وجهه، هائم ضائع في مستودعات ضخمة لبقايا الذكريات المكومة في ذهنه البائس، يلاطف نبيذ دموعه. استرجع أمانيه وآماله فقد تحصل على منحة للدراسة في كبرى جامعات سويسرا، فرغم اليتم الذي عاناه هو وأخواته الثلاث وفقر أبيه المدقع إلا أن إرادته لم تضمحل واجتهاده لم يتراجع. كان إذ ذاك يستنشق عطر أمه في حدائق نسيم الوجود، وطموحاته تترعرع بين فضاءات وصاياها المتتالية وقت احتضارها
سافر وكله أمل في التحليق في سماء النجاح كطائر كان مسجونا في قفص وتحرر . عاند الزمن وتحدى العقبات، استمر تواجده هناك فترة، لكن هيهات أن يدوم الحال على حاله، فعلى قارعة الخيبة تعثر و سقط عندما وصلته رسالة من أخواته تخبرنه بوفاة والدهم ، والجفون تهمس بأسى الوحدة المبعثرة لكيانهن المتناثر بين طيات القدر المحزن. حينئذ أسدل ستائر البقاء هناك وتوضأ بماء المحبة وأدى صلاة المسؤولية تجاههن في محراب الحياة، وعاد أدراجه إلى حيث كان، وغرف من إناء الدنيا الصبر والجلد حتى انجلت حسرات المعاناة، اشتغل بائعا في مكتبة، وربما هذا ما اختصر حجم الألم خاصة عندما كان يغوص في بحار محتويات هاته الكتب ، كما كان يستورد منها معنى الحياة الحقة، أتقن عمله وأكمل مسؤوليته على أكمل وجه، فقد كان السند الأول والأخير لهن، أتممن دراستهن، تزوجن وأنجبن، فانشغلت كل واحدة منهن بعائلتها الصغيرة، يتذكرنه بين الفينة والأخرى، لكن هذا لا يخمد نار الوحدة القاتلة، فقد أمسى يسامر سكون الغفلات ويعانق طيف الماضي، فتنطفىء عبر جفونه الساهرة دمعة منهكة منبعها صميم القلب ،لتطلق تنهيدة من أعماق الفؤاد تشعل سراج الأمل بين شعاب المشيئة فينفض دخان حروفه المحترقة ويستفيق من وقع الوجع ويمضي



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.