lundi 31 mai 2021

البارحة ..// الحبيب القاضي // تونس

 

البارحة.. البارحة البعيدة، وفي تلك القرية المنسيّة كنت أحلم، قرية تفصل خضرة الشمال عن سراب الصحراء وحيث السماء ملكي ولا حُجبَ بيني وبين الله، حلمت كثيرًا.. طفلاً كنت، اخترتُ في ليالي الصحو أنجما و أودعتها أسراري، حدّثتُ النجمة عن وجنتيّ بنت الجيران وهي تجلس قبالتي حول الموقد وكيف تورّد خدّاها من الوهج واحمرّت من الخجل حين خبأت يدها الصغيرة في يدي.. وصغيرا كنت.. كنت أحدّد مساحات معينة و أسيجها بأعواد القصب، زرعت في تلك المساحات أنواعا كثيرة من الورد وأطلقت عليها أسماء بنات شتّى، من أين جاءت فكرة أنوثة الورد لا أعرف حد الآن لكنها لازالت راسخة.. راقبت تفاصيل شتّى، كان انعكاس الشمس على حصى الجداول يترك ألقا في عينيّ وتتملكني رغبة في أن يصبح وجهي منيرا كسراج

غادرتني أشياء كثيرة وأنا في هذه المدينة يتكدس الإسمنت على جسدي ويمتصّ الإسفلت خطاي فلا أترك أثراً.. اشتقت خطاي على التراب، اشتقت الريح في ليل الشتاء تبسط سلطانها، اشتقت وجوه القرويات التي تزداد سمرتهن في مواسم الحصاد، اشتقت غناءهن في زمن الخصب.. اشتقت رائحة أمي وانتمائي.. في هذه المدينة الهجينة أفتقد الصّفاء و أشتهي أن أحلم ولو بالخطإ مرّة..




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.