vendredi 15 janvier 2021

مهنة حرة // محمد بوعمران // المغرب


لم يزاول في عمره الذي اقترب من الستين مهنة أخرى ،ولم يفكر يوما في ترك هذه المهنة التي قضى فيها أغلب سنوات عمره كماسح أحذية ،فرص كثيرة مرت أمامه لتغييرها لكنه ظل متشبتا بمسح الأحذية ،فتح أبناؤه أعينهم عليه وعلى تلك العلبة الخشبية التي تحتضن مواد التلميع وأدواته والتي خصص لها مكانا في ركن من فناء المنزل لتظهر أمام أعين زوجته وأبنائه كإشارة على وجوده بالبيت ...
كان عباس يقضي يومه برفقة علبته متنقلا بين المقاهي ،أو جالسا على قارعة الطريق وأرصفة الشوارع ، ساعات العمل تحددها الطبيعة بفصولها ،ومزاولة العمل يخضع لتقلبات مزاجه ،وكان يحس بطعم الحرية حين يرى المشتغلين في المعامل يسابقون الزمن للوصول في الوقت المحدد ،وينتظرون أجرة آخر الشهر بشوق ولهفة ،لذلك كانت فكرة تغيير المهنة ليصبح عاملا تشعره بالاشمئزاز والنفور ...
عباس اكتسب خبرة في مسح الأحذية وأصبح له زبناء كثر ،فالحذاء حين تمر عليه فرشة عباس تعود إليه نظارته ،ويلمع بريقه،ويشعر صاحبه بنشوة الأناقة مما يجعله كريما معه لأقصى الحدود ...
كون عباس أسرة،وربى أبناء وبنات،منهم من يشغل مناصب محترمة ،ومنهم من تزوج وخلف أبناء ،وظل هو مرافقا لعلبته وبارعا في مسح الأحذية ...
طلب عباس من مقدم الحي شهادة عمل ،حين لمس حيرة المقدم في تحديد المهنة ،قال له وهو يبتسم "اكتب اعمال حرة" ...أليست "ماسح الاحذية "مهنة ...





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.