كتاب بلسم المسافات عبارة عن مقالات أدبيّة نقديّة، جمع الطهراوي فيه جزءًا من سير الأدباء، والكثير من آراء النّقاد، واستعرض ثقافته الواسعة، وسلّط الضوء على أمور مهجورة في قديم الأدب وحديثه، ومن هنا فقد أمتع القارئ وهو يحطّ رحاله بين الفينة والفينة؛ فرغم تباعد المسافات بين الشعراء والأدباء الذين وثّق بعض أعمالهم، إلّا أنّ مقالاته قد فاح شذاها في أي زمان ومكان قد كتب عنهما
ويبدو أنّ هذا التوثيق قد أفاد الباحثين على اختلاف تخصصاتهم في التّمتع بقطف ورود قد غابت في غياهب الذاكرة؛ لذا فقد جاء هذا الكتاب بحضور خلّاق رحب، متباعدًا عن انحطاط الفكر العصريّ، مستلهمًا أعمال نقّاد القرن السادس الهجري الذين كانوا يجمعون بين الشعر والنثر في كتاب واحد، مع تضمينه آرائهم النقديّة، وقد استدعى انتباهي ما جاء من مقالات في أواخر هذا الكتاب خاصّة، ويبدو انّ اهتماماتي هي من جعلتني أطلب من المؤلف أن يعاود النّظر في ترتيب مقالاته داخل الكتاب، حتى أن مقالته الموسومة ب" آباء وابناء" قد لفتت انتباهي لعنوان دراسة رائعة، قد يجمع الباحث فيها بين الشعراء من هم في مدرسة أدبية واحدة، و مقالته الموسومة ب " رأس كرأس المازني" رائعة بحق، ووددت لو انّ الطهراوي قام بوضع الأسباب والعلاج في عدم طواعية ما يكتب الأديب مع ما يفكر به، وتجدر الإشارة إلى أنّ الطهراوي قد لفت انتباه الباحثين إلى صاحب سيرة ذاتية وهو الاديب جمعة حماد؛ بغية الاهتمام بهذا النوع من الأدب، ولقد استطاع الطهراوي من خلال بازيات الجزائري يوسف بلغيث أن يطرق موضوعا لا يستهان به، والأولى أن ينظر الأدباء والنقاد إليه؛ بغية الاهتمام بالثقافة السائدة في كل بلد عربي
جمال الفكرة وسلاسة العرض هما ما يجذبان المهتمين للاستمرار في القراءة ومتابعة عرض الرحلة الثقافيّة، ومن هنا يرغب القارئ لو انّه زاد واستمتع هو أكثر فأكثر، حتى يجوب البلاد العربية كلها، فيستنشق عبير أدبها، ويرتوي من زلال ذكرى ادبائها... وهنا فقد لفت الطهراوي إلى ضرورة معاودة النظر فيما يحتاجه المثقف العربي، وخشية من ان تصبح كتابات العصر سرابا بقيعة يحسبه الظمآن
.طبت أ. زيد الطهراوي، وزادك الله بسطة في العلم، وبركة في الصحة
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.