vendredi 4 janvier 2019

شوكلاطة وسخة // عبد الكريم الفلالي // المغرب


. .شوكُلاطة وسِخة : قصة قصيرة. واقعية

قهقهات وقِحة تُكسّر هدوءَ المقهى بين الحين والحين، معظم الزبناء منشغلون بهواتفهم؛ وقليلا ما يكلم أحدُهم جليسَه.. وكان مبعَث القهقهات طاولةٌ في زاوية بها رجلان وامرأة، يعلوها دخانٌ من نفثِ سجائرَ معادة التلفيفِ بفعل يدَيْ أحد الرجلين..
اِلتفتتُ كسائر من بالمقهى حين علا الضحكُ أكثر، كانت المرأة تتمايل بين الرجلين ضاربةً بكفها على كفِّ هذا وذاك..وعيناها خلف الدخان ذابلتان نصفُ مفتوحتين.. حدقتُ في وجهها أقرأ صفحةً أعرفها جيدا، استدعت الذاكرة صاحبةَ الوجه قبل سنوات ليست بالكثيرة..صبيةً كانت توَدّع ُ صِباها بخفر وحشمة ووقار، مغطاة الرأس بمنديل مُطرّزٍ بوسَخ وألوان باهتة، رثةُ الثياب بحذاء بلاستيكي أكبر من حجم قدميها تجرُّه جرًّا؛ كانت تدخل المقاهي بسلة صغيرة كسلات الورد بها علب أوراق النظافة الصغيرة ( كلينيكس) وقِطع شُكُلاطةٍ مغلفةٌ بأوراق ذهبية وفضية..توزع بكل الطاولات المأهولة علبة ورقٍ وقطعة شكلاطة، ثم تعود لجمعها مع قطعٍ نقديةٍ مما يجود به الزبناء: منهم المقتني، ومنهم المشفِقُ المتبرعُ دون اقتناء، مُقَدِّرا أن وراءها أسرةً بإخوةٍ صغارٍ يدرسون، وأمٍّ تحتاج مصاريف العلاج أو غير ذلك..
تلك الصبية الوقور آنذاك هي ذاتها الصاخبة المتمايلة حالا بمقهانا، تملكتني شفقة على مَآلها وتفَطّر قلبي، وكنت مِمّن يجود ولا يقتني..أشَحْتُ بوجهي عنها متأسفا لحالها وبي بعضُ ندمٍ على أنني كنت ضمن المشجعين على وصولها لهذا( المنصب) واعتلائها هذا الكرسي وسط ضباب كثيف.
مددت يدي لألتقط كوب القهوة، فوجدت بجانبه قطعتَيْ شُكلاطة ذهبيةً وفضية، ورأيت صبية بمنديل وسخ يغطي رأسها وأسمالٍ رثّةٍ تصل طاولة الثلاثة بعلبة كرطون بذراعها اليسرى، موزعةً قطع شوكلاطة، وتساءلتُ في نفسي: أين ورق النظافة؟
******



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.