jeudi 4 avril 2019

الممرضة // الزهرة الرحموني // المغرب


كان المرض يخترق جدار بيتنا بين الفينة والأخرى كوحش مفترس ، ليستوطن جسم والدتي المسكينة ،ويحط رحاله ببدنها ، وبعد زيارتها للطبيب ، ينهال عليها هذا الأخير بوابل من الحقن ، وتظل طريحة الفراش مدة طويلة ، فينتابني الخوف خشية أن ترحل قبل الأوان ، ويرافقني هاجس الموت إلى مضجعي ، وما أن أستيقظ في الصباح حتى أتسلل إلى فراشها لأتكد من أنها ما زالت حية
في مرحلة العلاج الأولى ،تزورنا الممرضة في المنزل لتمنح والدتي حقنتها ، وما أن تتجاوز أمي ضعفها ، وتتحسن حالتها ، حتى تقوم بزيارة الممرضة في بيتها للعلاج ، وخلال تلك المدة ، كان لي موعد مع أمي كل مساء بعد عودتي من المدرسة ، لمرافقتها فكنت أسعد كثيرا لأنني تجاوزت مرحلة الخوف، وأملك قدرة الخروج معها والمشي إلى جانبها على مهل ، فيتغير شعوري ، وتتبدل ملامح الأماكن التي أمر بها ،فتبدو لي وكأنني أراها لأول مرة، فنقطع المسافة الطويلة من منزلنا معا، ونحن نتحدث ولا أشعر بالطريق
وبعد الوصول ، تفتح السيدة لنا الباب ، فيقابلنا رواق بيتها المصفف بالأصص المليئة بالنباتات والزهور على اختلاف أشكالها وألوانها .
وتستقبلنا بوجه بشوش ، وابتسامة عريضة ، وتسأل أمي عن صحتها ، ورغم أنهما تتحدثان لغتين مختلفتين ، فلا أمي تتقن العربية جيدا ، ولا هي تتقن الأمازيغية ، إلا أنهما تتفاهمان ، ويدور الحوار بينهما لطيفا ، فنشأت بينهما صداقة جيدة دامت لوقت طويل
بعد العودة ،تُسمعني أمي أمنيتها المعتادة ، أن تلج واحدة من بناتها مهنة التمريض ، فأعرف أن تلك الوظيفة النبيلة ،احتلت مكانا في قلبها ، ولكنني أظل صامتة أنظر إليها ، ولا أستطيع وعدها بشيء ، وبخطى وئيدة ، نتابع السير وكأننا في فسحة
ما أن تنهي أمي فترة علاجها وتمتثل للشفاء ، حتى أصبح ممثلة بارعة ، ألعب دور الممرضة مع إخوتي بإتقان ، أعرف كيف أعتني بالمريض ، وكيف أهيئ المعدات ، ومنح الحقنة
ذات يوم ، وصل إلى مسمعي أن الممرضة قد غادرت المدينة ، فانقطع خبرها ، ولكنني 
ما زلت أحتفظ بذكراها كأنه بالأمس

********

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.