lundi 19 août 2019

دراسة تحليلية فنية لقصيدة "فأجمل قاتل أنت " للشاعر "علاء الأديب" // باسم الفضلي العراقي // العراق

{ تعالق المركبات الفنية للبنية البارانومية للقصيدة
الملقاة بصوت ناظمها }
ـ دراسة تحليلية فنية لقصيدة " فأجمل قاتل انتِ "
الشاعر العراقي "علاء الاديب " ـ
( يرجى فتح رابط القصيدة للتعرف على مافيه قبل قراءة الدراسة )
تتكئ بنية الاخراج الفني لهذه القصيدة الملقاة بصوت ناظمها على ركنين اثنين :
اولا ـ الركن المسموع :
يتركب من صوت الشاعر و الموسيقى التصويرية ، وهما متداخلان بتعالق مدروس لخلق فضاء حسي يكافئ موضوعياً مثيراً شعورياً يشدالمتلقي للولوج في عالم القصيدة ، ويحفزه على التفاعل مع حدثها الشعري .
والموسيقى هي مقاطع من سيمفونية ( شهرزاد )/ لمبدعها الموسيقار الروسي كورساكوف ، بما تفتحه بعزف كمانها الساحر من آفاق شاسعة الخيال ، تتداعى فيه الذاكرة الى اجواء (الف ليلة وليلة) وقصصها الشهرزادية ، فإذا صوت الملقي يتموج علواً ، انخفاضاً ، شدةً ، رقة بتوازٍ انفعالي مع دلالات اشارات القصيدة،تتعالق حسياً مع انثيال انغام السيمفونية ، ليرسما معاً في الذهن صوراً بغدادية بألوان عشقها ( احبك كيفما كنت .... احبك اينما انت / فما طابت نساء الارض ... في عيني ان طبتِ / انا من دام ان دمتِ ...) ، وفائها ( احبك بعد موتي / انا من دام ان دمت / انا من ضاع ان ضعتِ / انا من مات ان متِّ ) ، رغم تقلبات الزمان بمحبيها (من / وان بالغت في هجري ، مرورا / وبالحرمان .. / تمزّقُ .....،.وصولاً الى / فأجمل قافيتي انت ) ، ولما كانت السيمفونية تتألف من اربع حركات هي :
ـ الاولى بعنوان / البحر وسفينة السندباد
تأويل ما توحي به انغامها واصوات آلاتها الموسيقية : ان هناك صراع بين امواج البحر العاتية وتلك السفينة العنيدة في تحديها المجهول رغم مايصيبها من تصدعات ومخاطر الهلاك
ـ الثانية بعنوان / الامير
التأويل : العاشق ( اشارة الى شهريار في السيمفونية )
ـ الثالثة بعنوان / الامير الشاب والاميرة
التأويل : العاشقان ، ( اشارة الى شهريار وشهرزاد التي يعبر عنها صوت الكمان ) وشهرزاد انتصرت وطوعت شهريار في الف ليلة وليلة اي انها اشارة الى المرأة المتفوقة
ـ الرابعة / الاحتفالات في بغداد
التأويل : انتصار العشق البغدادي رغم كل الظروف القاهرة
نجد ان القصيدة تنطوي على ذات العدد من المركبات البنائية وهي تمل مكافئات موضوعية للحركات اعلاه وكما في المقاربات الدلالية التالية ( سأستشهد ببعض الاشارات والابيات وما ماثلهما قياساً في القصيدة يصح شموله بما ساشير اليه من احكام في كل مقاربة ) :
ـ المكافئ الموضوعي لتأويل الحركة الاولى :
موضوعة الحب وما يعنيه في وجدان المتحابين من ثبات صدقية المشاعر ، ودوام نقاء السريرة ورسوخ الوفاء .... نجد هناك في حالات غير قليلة ، ما يقابلها ويتضاد معها من سلوك لدى احد المحبين كالكذب ، خبث المقاصد والغدر ، تناظر البحر بأسراره ( ظاهر سطحه لايشي بما في اغواره السحيقة ) و تقلبات حالاته بين الهدوء والاضطراب
بذا يكون الحب / البحر = جدلية الوجود / العدم ، ومرادفاتهمامثلاً : الحياة / الموت ، الثابت / المتغير ..الخ
المقاربة الدلالية لهذه الجدلية:
الاشارات الجلية التقابل كما في : عاش / مات ، صوتي ( احاديثي ) / صمتي ،
الاشارات الضمنية التقابل :
وهي افعال الجمل الشرطية المسبوقة بالحرفين ( اذا ، ان ) فنفي او اثبات فعل شرطها فيها مشروط بجوابه كما في :
ما طابت ( جواب الشرط مقدم ) ... اذا طبتِ ( فعل الشرط مؤخر ) / نفي الفعل الاول مشروط بثبوت الثاني ( طبتِ )
كذا في (انا من دام ... ان دمت / .... ضاع ...ان ضعتِ / ...مات ...ان متِّ ) ثبوت افعالها متشارطة
هذا يعني ان كل فعل شرط يستدعي ضديده ضمنيا ً:
ماطاب / طاب ، دام / مادام ، ضاع / ماضاع ، مات / مامات
وتقديم جواب الشرط على افعالها في الجمل اعلاه هو تقديم جائز مما يعني ان الشاعر اراد تأكيد افعال الجواب التي هو فاعلها لإبراز شدة تماهيه مع فاعلة الافعال الشرطية وكأنه اراد تأخير فداحة هذه الافعال على محبوبته وتسريعها عليه ،
ـ مكافئ تأويل الحركة الثانية
الشاعر العاشق يعلن عن نفسه ويؤكد وجوده في القصيدة وفق هذه المقاربات :
ضمائر المتكلم وهي :
*المستتر كما في / احبكِ ، دام ،ضاع ، مات / هنا الضمير مؤكد بتكراره
* ضميران ظاهران احدهما منفصل( انا ) المبتدأ في جمل الافعال السابقة كما في / انا من دام ...
الضمير الآخر( الياء المتصلة المتضايفة مع ماقبلها ) كما في / موتي ،عيني ، قافيتي ... )
ـ مكافئ الثالثة : الشاعر يستحضر حبيبته في خطابه اياها مباشرةً .
وهنا يعلو صوت الكمان ( اشارة صوتية في السيمفونية ذات دلالة شهرزادية كما اسلفت ) صحبة كل خطاب ، لخلق مثير حسي يزيد من تحفيز مشاعر المتلقي وتشده بقوة للتفاعل مع هذا الخطاب
المقاربة :
خطاب الحبيبة بالضمائر الدالة عليها وهي :
*الظاهرةالمنفصلة / انت ، كما في ( احبك اينما انت )
*الظاهرة المتصلة / كاف المخاطبة ( احبك ) اعلاه ، وتاء الفاعل
كما في (طبتِ ، دمتِ ،ضعتِ ، بالغتِ ... )
الضمائر في المقاربتين الثانية والثالثة مؤكدة جميعا بالتكرار اللفظي بقصد ترسيخ قوة حضور من تعود عليهما ( الشاعر ومحبوبته )في الحدث الشعري للقصيدة
ـ مكافئ الرابعة ومقاربتها :
اختيار الشاعر موسيقى تصويرية تصاحب إلقائه قصيدته ، هي مقاطع من سيمفونية تحمل اسم شهرزاد ، مستلهمة اجواء (الالف ليلة وليلة) المرتبطة في التراث الادبي العراقي عامة ، البغدادي خاصة ، هذا الاختيار من قبل الشاعر كان بقصد موضعته المكزمانية لحدث قصيدته في
بغداد ، محتفلاً بإنتمائيته الوطنية لهذه المدينة الرمز في سفر التاريخ ، ومحتفياً بوفائه لها مهما باعدت بينهما المسافات ( ماحوليات القصيدة : الشاعر يضطر احيانا للمكوث في تونس لبعض الاعمال والنشاطات )
الركن الثاني : المرئي
اختار الشاعر مشاهداً من المسلسل التلفزيوني ( حريم السلطان) ليكون مكافئاً بصرياً منظوراً مكملاً للفضاء (الحس ـ تعبيري)المسموع لصيرورة حدث القصيدة وبطليها( العاشق / المعشوقة )وبتكثيف دلالي ،
والروابط الدلالية لهذه المشاهدالتي جعلتهاعنصراً(فن ـ معنوياً(
متسقاً مع بانورامية ( العرض ) الالقائي للقصيدة هي :
1ـ مكزمان المشاهد يوازي مكزمان الحدث الشعري السابق ذكره ،
فالمجال المكاني ( قصر السلطان سليم الاول ) / يوازي ( قصر ملك )
شهريار )
2 ـ بطلة المسلسل الظاهرة في المشاهد ( هيام ) / توازي ( شهرزاد)
في انقلابية قيمتهما الوجودية ( من لاقيمة ، فكلتاهما كانت جارية لدى سيد القصر ،الى ذات شأن ، حيث صار كل واحدة منهما زوجة لذلك السيد)
3 ـ لقطة حمل هيام للخنجر والتلويح به بوجه السلطان / توازي
( السكين ) الوارد ذكره في احد ابيات القصيدة
4 ـ انتصار المرأةالانسانة ( فهي ذات وعي فاعل ايجابياً متفوق على سلبيتهاالانثوية ) على الرجل ( الذكر ) وتطويعه ليقر بعلو شأنها
والشاعر في ظاهر معاني اشارات قصيدته ، قد يوحي للقارئ انه مستسلم لمشيئة حبيبته فهو متشبث بحبها حتى ان خانته ( اذا انكرتِ ..) و
(وان بالغت في هجري .. وبالحرمان انعمت ) ، متخلياً عن كبريائه
يرتضي غدرها ( وان اصبحت سكيناً ...تمزّق فيَّ ماشئتِ ) لكن .. من هي
هذه المحبوبة ؟؟ التي يتوقف شروق الشمس على اشراقتها ،
والطير يغني على الحانها ،و باستدعاء دلالة شهرزاد التي قاربتها
في مجريات دراستي هذه نخلص الى انها المرأة ( الرمز ) رمز الحياة وتجددها ،رمز العطاء بلا حدود ، رمز الفداء والتضحية والقيمةالانسانية ، والمعنى الجميل للوجود،كيفما كانت واينما هي في هذا العالم ( احبك كيفما كنت ...احبك اينما انتِ )
ـ باسم الفضلي العراقي ـ

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.