mardi 17 septembre 2019

عبور // محمد بوعمران // المغرب


على رصيف الشارع ،كان يسير بخطى سريعة وكأنه يسابق عقارب الساعة ليصل في الوقت المحدد رغم أنه ليس مرتبطا بأي التزام، ولديه كل الوقت ليسير كالذين يعبرون هذا الشارع الذي يخترق وسط المدينة لتمضية الوقت والترفيه عن النفس وكسر رتابة الحياة اليومية
سنوات كثيرة من عمره وهو يعبر هذا الشارع، واصبح بالنسبة له مجرد طريق توصله الى البيت او من البيت نحو مكان لقضاء مآربه ، حتى معالم البنايات التي تحف الشارع أصبحت جزء من الصور التي تختزنها ذاكرته، لذلك كان يعبره بسرعة وكأنه يفر من الرتابة عكس الذين يتخذونه مسارا للتجول والفسحة
اليوم ، خرج من البيت صباحا ، وعلى غير عادته قرر ان يقوم بجولة عابرا الشارع بهدوء وروية ليفسح المجال لعينيه كي تتامل معالم المدينة ، مع كل خطوة يتذكر ذكرى من الماضي ، فيقف ليسترجع الأحداث والأشخاص ثم يتابع سيره مستمتعا بلعبة التذكر الجميلة
كانت المقهى المركونة في زاوية من الشارع مكانا مناسبا لإراحة الجسد ومتابعة رحلة الذكريات ،لاحظ أن الصالة شبه فارغة ،وأنها لم تعد تعرف ذاك الرواج الذي عهده فيها.
لم يتغير المكان ، لكنه فقد رونقه ، وظهرت عليه آثار تعاقب السنوات والفصول وأصبح باهتا وكئيبا
أثار انتباهه مظهر النادل الذي تقدمت به السن وما زال يجر رجليه لتلبية طلبات الزبناء ...
حين وضع النادل أمامه فنجان القهوة سأله مستغربا
أين هم الزبناء...المقهى كانت تعج بهم في هذا الوقت من اليوم ...؟ -
:نظر النادل إليه نظرات حزينة وقال
صاحب المقهي يا سيدي لا يريد التجديد ...لايريد إدخال "الويفي " ولايريد الإشتراك في القنوات الناقلة للمباريات ...لايريد...ففر الزبناء الى مقاهي أخرى
خرج من المقهى واخترق الشارع مسرعا نحو البيت كعادته، وهو يقول في نفسه
"ليس كل ما في الماضي جميل ...يجب اعادة النظر دائما...التجديد لازم...."


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.