mardi 24 septembre 2019

بأي حال عدت ياعيد ..// إدريس بندار// المغرب


شراعي الآن صباح ربيعي ،جلست في مقهى نائية ،ليس لي ثمن القهوة ،وقف أمامي النادل سائلا 
ـ ماذا تشرب ؟
:غرقت في خجلي ،ولكي أوقف هذا التهكم القذر قلت له
..ـ سأقوم
لم أقم ،جلست بعناد ،أفكاري تطوح بي الى متاهات بعيدة ،كل شيء أخاله يسخر مني ،حتى الأرصفة التي كبلتها أرجل المارة ،حتى الأشجار العجفاء التي تطل من بعيد ،أقاوم انهياري ،فقط لاستجيب لرغبة القلم ،لكن القلم مخصي ، والورقة تيب ،والأفكار عهرتها المبادئ المحمولة والمتسول بها
سأكتب أي شيء ،ليس المهم التقيد بجنس معين ،حين يتشظى القلب ،تتشظى الكتابة ،الكتابة لسان العاشق الموله ،ذلك الذي يعشق حتى ينمحي ،الانمحاء دليل الصدق ،سأكتب وليكن ما يكون ،لينفجر النادل ،ولتذهب الأرصفة إلى الجحيم .
لكن ما ذا عساي أكتب ،تعددت المرايا ، والوجه واحد ،كتبت عن الألم واللذة ،عن الحب واللاحب ،عن السلم وعن الحرب ،ولم يبق شيء سوى أن، أعري ذاتي أمامكم ،العري هو الحقيقة المطلقة للإنسان ،عذبت قتلت سرقت كذبت تسولت استمنيت عصيت تمردت ضدي قذفت جرت ظلمت صدقت خنت وفي آخر المطاف ضاجعت نفسي
قد أبدو غريبا في نظركم ،لكنها اللحظة ،التي تتجزأ فيها الكليات ، وتأول الأشياء حسب منطق من يعيش الحدث ،إنه كالجرح النابت في الوجه ، إذا بترته سال دمه ،وإن تركته ازداد تمردا
نثرت أوراقي على طاولة منفردة وجلست الملم ما تبدد مني ،أدى صديق لي ثمن قهوة سوداء ومد لي علبة سجائر ،وحياني بنظرة منه ،حدست أن النادل اشتكاني له ،نظرت في النادل نظرة الغضب فهم من تلقاء نفسه وطأطأ رأسه. قهوة وعلبة سجائر ما أحتاجهما الآن لأبدد ارتباكي ،صباح العيد يعرف رواجا ،أجساد ماشية،وأخرى استلذت الجلوس فوق الكراسي،أعياد قوم عند قوم فوارق"كم أكره الأغنياء وأحب أطفالهم"طفل هناك يرتدي جلبابا أنيقا وقبعة زاهية الألوان،يحمل بالونة ويطاردها بعينيه في السماء،فيما طفل آخر هناك يبكي لتمزق بنطلونه الجديد،يبكي وأمه المسكينة تضمه إلى صدرها،ربما هي الأخرى تخفي دمعتها خجلا من الناس،أجلس وأتأمل،أشتهي بعض الملابس،تغريني ألوانها وأشكالها،ألتهم سيجارة تلو سيجارة،هي بالنسبة لي وجود،والقلم عبور إلى الــــضفة الأخرى،استوحيت من هذا الجدل،مدى شغف الناس بالحرية دون قيود تلغي ممارساتها العادية،الشمس تثبت وجودها بالتدرج الساعة الرابعة مساء هو موعدي مع سلمى،ألهو بعبثي الآن،ملل ملل،هناك يجلس النادل يعد الذباب،يبتسم بين الفينة والأخرى،توقفت حافلة تحمل أناسا غيرنا،تململ النـادل فوقف حازما،تكلم معه زبون بالاسبانية،لم يفهم النادل،فرمز له بأنه يريد المرحاض،فأومأ له بصعود الدرج،تهاوت الطلبات،المقهى الآن امتلأت عن آخرها،هرج مرج،أبناء الشارع يستجدون،يبيعون السجائر،يلتقطون ما بقي من فتات خبز ولحم،يشربون ما حتل في كؤوس القهوة والشاي،انتبه إليهم النادل فطاردهم،سقط طفل فأدميت جبهته،قامت سيدة شقراء فنشفت دمه ووجهت للنادل كلمات لم يفهمها
أكتب الآن عن أطفال الشارع وعن سقطة الطفل،هرج مرج،وازداد عناد الكتابة،حتى أنا تشردت مثلهم،ولا أملك غير الكتابة،حسناء هناك تأكل بأدب،تدخن بأدب،وتقبل صديقها بكل أدب،تركز اهتمام الناس بكل صخب،وتعالت همسات الاستنكار،لم تبال الحسناء،إنها تمارس قناعتها بكل أدب،وقناعات الناس عندنا استنكار مغلف بالرغبة الدفينة،يزداد عنف تدخيني كلما رأيت ناهدا تحمل تيهانها ودلالها،سيجارتي من النوع الرخيص،وقهوتي قلعة مظلمة من خلالها أفتح نافذة للتيه في عوالم لم تولد بعد،العالم وردة رمادية،ونحن الرحيق،ما أكتبه أمزقه في يأس،وما أمزقه في يأس،أحن إليه ساعة التراضي مع الذات،الكتابة وجع مستديم لمن يحمل قلب قرنفلة



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.