حين
يزداد تعلقنا بالماضي، يأسرنا الحنين ، وتعلقي بهذه المرأة طوقني حتى الاختناق ،
حرض سيول الشك و القلق لتجرفني فأبدو عارية إلا من علامات استفهام ظلت عالقة
برأسي. عرفتها منذ الطفولة ، حداثة سني آنذاك لم تمنعني أن أراقب غموضها ، أن
أتساءل : لماذا هي مختلفة عن الاخريات في حي كانت نساؤه تنشر الأسرار والاهات
والأحزان مع الغسيل فوق السطوح ، لماذا لم تفلح ولو واحدة منهن في اكتناه غموضها ؟
لماذا غلقت دونهن أبواب أسرارها وقالت للصمت : هيت لك ؟!
أتعب الجميع صمت هذه القروية النازحة بطفلها من إحدى ضواحي فاس ، وحدي هدني التعب
، و هيجت نيران حيرتي ما باحت به قريباتها ، أيعقل أن تجف دمعة امرأة رأت رأس
زوجها تدحرجه كلاب القرية لمجرد خلاف بسيط حول شبر من أرض مشؤومة ، أيسامح القلب من
نكلوا بوتد الخيمة ونبذوها بالعراء ؟ ؟
لا
أدري لماذا بعد أن بعد الزمان وبعد المكان ، تنبش الصدفة زوايا ذاكرتي ، فأجدني
معها وجها لوجه ، هي كما عهدتها لم تتغير ، نفس الابتسامة المحيرة تعلو ملامحها.
تورمت حيرتي أكثر حين علمت أنها فقدت ابنها في حادثة سير. ودون ان تدع لي فرصة
للتدقيق من جديد. مدت يدها مودعة :بلغي سلامي الحار لوالدتك.
هكذا
جعلتني أخسر كل الجولات التي خضتها مع الوجه العنيد وأعلن انهزامي أمام الابتسامة
الخصم، لكم استفزتني تلك الابتسامة ، لكم عذبتني ، أهي ابتسامة الرضا بكل المآسي
التي عصفت بها ، أهي استخفاف بقساوة الحياة ، أم بكاء من نوع آخر لم تذرفه العيون
؟
دافنشي
استيقظ ، اشرح لي سر الموناليزا ، لن اجبرك على رسم الحاجبين ، لن أطالبك بوضع
الرموش ، فقط اصدقني القول :هل حقا كانت تبتسم ؟ ؟ ؟ ؟
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.