خجلت كثيرا أن أقدم التهاني للمرأة بمناسبة يومها العالمي، خجلت من الاحتفاء ومن كل هذه الضجة حول العالم.
لم أخجل بطبيعة الحال من المرأة المثابرة التي أثبتت وجودها وصارت أيقونة عصرها، ليس من المرأة التي جلست على عرش النجاح والتفوق بكفاحها فحققت كل أحلامها أو على الأقل جزءا كبيرا منها، أو من التي شغلت أكبر مناصب القرار، أو حتى من التي تشتغل بعرق جبينها من أجل لقمة العيش بالحلال، أو التي قضت عمرها في تربية الأجيال.
فهؤلاء جميعا أحييهن وأرفع القبعة لهن.
ولكن الخجل كله من أولئك اللواتي هن طريحات الفراش بالمستشفيات، يزأرن تحت وطأة المرض، واللواتي يعانين من ويلات الحروب، فغادرن بيوتهن عنوة هربا من الموت تاركات وراء ظهورهن منازلهن التي دمترها الحرب، فقطعن مئات الأميال مشيا على الأقدام، وتحولن إلى لاجئات لا يملكن شيئا غير الخروق التي فوق جلودهن، يفترشن الأرض ويلتحفن الصقيع.
من أولئك النساء اللواتي هاجرن ليشتغلن في جني الفراولة أو الفريز، فأصبحن يعشن المذلة بجميع أنواعها، ويتعرضن لشتى أنواع التعذيب والاستغلال والاغتصاب.
ومن اللواتي خربت الحرب بلدانهن، فأصبحن معرضات للفقر والجوع، يتسرب الموت ببطء إلى أجسامهن النحيلة، وتموت فلذات أكبادهن أمام أعينهن الحزينة.
أولئك النساء اللواتي يصم الجميع آذانهم عن صراخهن الذي بسبب كثرة الصراخ صارت حناجرهن مبحوحة، أو خاوية بلا صوت.
اللواتي يبكين الدم ولا أحد يستجيب لهن، واللواتي يذوب الجليد وتنحني الجبال لدموعهن الساخنة أسفا وحياء.
هؤلاء النساء لا يشعرن بالحياة، فكيف لنا أن نهنئهن.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.