lundi 24 juin 2019

الشاعر والتناص // زيد الطهراوي // الأردن


الشعر موهبة قبل كل شيء، و مع ذلك فإن الموهوب لا يصبح شاعرا إلا إذا صقل هذه الموهبة، و صقل هذه الموهبة يتم عن طريق كثرة قراءة الشعر و تذوقه، مع إلمام بالنحو و العروض و معاني المفردات، ثم بعد ذلك يعتمد على نفسه و كأنه نسي ما قرأ و تذوق من الشعر ؛ و سيبصر التحسن الملحوظ مع كثرة القراءة و كثرة المحاولات في الكتابة، و هذه هي الطريقة المثلى لأنها تدل على أصالة الشاعر
و هناك طريقة أخرى و هي أدنى مرتبة من الأولى ، و هي أن يتدرب الموهوب بالشعر؛ فيأتي على قصيدة لشاعر مبدع فيمزج مفرداتها بمفرداته هو فيكون قصيدة لا هي له و لا هي لشاعرها الأصلي ، فلا يتبناها الموهوب لأنها ليست كلها له فلا، يكون أمامه بعد كل هذا الجهد الا ان يمزق هذا الخليط المستهجن، ثم يهجم على قصيدة اخرى فيمزجها مع مفرداته و اخيلته؛ و يمزقها، و يستمر على ذلك إلى أن ينتبه إلى أنه شرب نضوج تجربة الشعراء الذين ينصهر مع تجربتهم، كالشجرة الضعيفة التي تميل على جذع أختها لتزداد صلابة و قوة
و هذه المرتبة لا يستحسنها الشعراء و النقاد ؛ لأنها طريقة الضعفاء الكسالى ، الذين لا يريدون ان يتعبوا انفسهم في القراءة المستديمة ، و قد ينجحون و قد لا ينجحون فهي طريقة تحتمل الارتقاء و تحتمل التردي
أما التناص فهو هجوم على بيت او سطر شعري ،و إضافة شيء عليه من تصوير او فكر أو زيادة مفردة، و عدم تمزيقه بل نشره و نسبته الى نفسه، فينبهر القارئ فلا ينكر ان الشاعر أبدع في إعادة ترميم و زخرفة البيت الشعري، و لكنه لا ينكر ايضا ان البيت ليس للشاعر المرمم و المزخرف، و يفتح ديوان الشاعر الأصلي ليثبت أن البيت منتزع منه ؛ و هنا يثبت هذا المنتزع و يعترف بأن هذا التناص مسموح به لأنه يثبت قدرته على إضافة جمال فريد للتجربة الشعرية
و هنا ينقسم النقاد الى قسمين : مؤيد لهذه التجربة و يسميها : "التناص" و معارض و لها و يسميها : " التلاص"
.و ما زال النزال مستمرا و القضية لم تحسم بعد




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.