vendredi 14 juin 2019

رسالة إلى صديق وهراني // منصور زغواني // الجزائر


(رسالة إلى صديق وهراني (محمد شوقي الزين
لا أدري... ولكن أستمتع عندما أقرأ كتاباتك سيدي؛ أحس وكأن العبارة تشدني بعنف... وكأن الكلمات تمارس نوعا من الإضطهاد علي؛ بصفتي قارئا. أحس وكأن الكلمات في مؤلفاتك(على الأقل: كتابيك إزاحات نقدية، والإزاحة والإحتمال) تلقى في اللامكان لتنتظر قارئا حتى تمارس غوايتها وسحرها عليه، وتجبره أن ينتج منها نصا/نصوصا لا نهائية... نصك سيدي وكأنه شيخ ورع، ولع، منصرع، فاقد للوعي... يدور دورة صوفية-عرفانية؛ لايمكن ضبطها أو التحكم بها، تشبه تلك الحلقات البابلية؛ لا تعرف بدايتها من نهايتها، نصك يأبى الإنصياع لسلطة القراءة. إنه مختلف، منفلت، منسرح في الفضاء
عندما أقرأ كتاباتك سيدي أكون كاتبا للنص، مولدا لمعانيه، جواقا محركا لقوافيه، لا قارئا يتغنى بغناء النص، ويرقص على أنغامه فقط. تكتب أستاذي بروح هايدغرية، نيتشوية، فوكولدية(فوكو)، غادامارية، وأنت دريدا (غائبا/حاضرا)
لا أدري إن كنت تشترك مع دريدا في نفس الهموم والآلام، أم ماذا؟ ولكن تكتب بروح دريدا. بلغته المتشتتة، المنفلتة؛ التي لا يمكن الإمساك بها. من يقرأ كتاباتك، يخيل إليه وكأنه يقبض على جمرة/جمرات؛ يمسكها جيدا ثم يفلتها، يرفعها ثم يسقطها، وهكذا في كل مرة
رسالة دريدا إليك (ليست كرسالته إلى صديقه الياباني؛ لأن رسالته إليك تحمل عبق الماضي، والوطن) أخذتك بعيدا؛ بين ضواحي باريس، وشوارعها، وأضواءها، وغربتها، وبين مدينة وهران ببهائها ورونقها... وشوقها الذي لا يهدأ، فكان ردك إليه تفكيك( آت ) وتأويل( آت)، (بصيغة المستقبل الذي لن يأتي أبدا) من قلب التمركز الداخلي في أعماق كل بعيد... غائب، غريب عن وطنه الحبيب؛ مشتاق إلى رفاق وأصدقاء لم يقابلهم ولم يرهم قط (عن بختي بن عودة أتكلم
هذا لا يعني أستاذي أنك لم تؤسس لكتابة خاصة بك، بل اتبعت منطق التاريخ الصحيح؛ الذي يقول بالأخذ من كل ما يمكن الأخذ منه، ثم تكوين ما يمكن أن يجعلك مستقلا عما أخذت، لأن المعرفة في النهاية تواصلية، لا يمكن أن تؤسس من لحظة صفرية

ردا على رسالة منصور زغواني: رسالة إلى صديق وهراني(محمد شوقي الزين)
بقلم: محمد شوقي الزين/13-06-2019
شكر بلا حدود السيد منصور زغواني
كلمات مثيرة ومضيافة تنساب من إحساسك العميق. يتكلم دريدا، الجزائري-الإفريقي كما وصف نفسه ذات مرة، عبر هندسة الكتابة كما أسعى لتشييد معالمها
هو أصلاً [دريدا] لم يغادر نمط الكتابة لديَّ بآمالها وأحلامها، لأن ثمة شيئاً يجمعنا من كل الجذور الإبراهيمية والجغرافية، الإيمان والأرض، بأوسع معاني هاتين الكلمتين. في الأسلوب، كما في روح الكلمات، هناك شيء من قبيل الأثير أو الطيف، وهو عين ما بصم به دريدا كتاباته. لم يرد لها أن تكون بلاغية فقط أو مفهومية فقط، بل في الإثنين معاً، أي لا أحدهما ولا الأخرى، شيء ثالث لا يمكن اختزاله فيهما. وهنا أدركتَ جيّداً وجه المسألة: دريدا وفوكو ونيتشه وغادامر وابن عربي معناه لا هذا ولا ذاك أو هم كلهم، ليس على طريقة "انتقائية" فيكتور كوزان éclectisme de Victor Cousin، بل على صيغة "هو لا هو"، في الوقت نفسه يماثله ويختلف عنه، يقتبس منه وينفرد بأسلوب خاص. لأن في حقيقة الأمر، لا تكمن فرادة الأشياء في الإيجاد من عدم (وأظن أنه لا يمكننا ابتكار شيء جديد مطلقاً بعد 2000 سنة من تاريخ الأفكار)، بل في القُدرة على صناعة أسلوب هو ختم كل كاتب على بضاعته. هنا يكمن الوجه الحقيقي والخلاق لكلمة "إبداع"
.كل التحية والتقدير


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.