vendredi 20 décembre 2019

المثقف عزيز // محمد بوعمران // المغرب


كل شوارع المدينة وأزقة أحيائها القديمة والحديثة تعرف وقع خطواته وهو يعبرها جيئة وذهابا وفي كل الأوقات والفصول. وجه مألوف لدى أغلب رواد المقاهي المصطفة على الشوارع الرئيسية بل حتى تلك المركونة في الأزقة الجانبية
يمر مسرعا وهو يحمل محفظة جلدية قديمة يظهر أن لونها الأصلي أسود ، محفظة ممتلئة لدرجة أصبحت كوسادة وثيرة لم يعد فيها مكان لتلك الأوراق والمجلات التي تأبطها ، مجلات قديمة تحمل تواريخ تعود لعقود من الزمن
حين يدلف الى مقهى اختار محاوريه ممن يلمس في محياهم وهندامهم ما يوحي بأنهم من المولوعين بالمطالعة والنقاش الفكري ،وغالبا ما ينجح في تكهناته وتكون اختياراته موفقة
في كل مقهى له أصدقاء خصوصا من رجال التعليم الذين اعتادوا على زياراته واستأنسوا بوجوده بينهم وبطريقته الخاصة في طرحه للمواضيع ومناقشتها
عزيز اسم معروف ، شخصية مثيرة للتساؤلات المحيرة ، يتقن اللغة الفرنسية والانجليزية قراءة وكتابة وتحدثا ، هو من جيل من الطلاب المغاربة الذين درسوا في الجامعات الفرنسية وهو لا يتردد في فتح حفظته ليدلي بجواز سفره القديم وشهادة إجازته في علم الاجتماع ، لكن ما يثير الاستغراب هو مزجه للمواضيع بشكل يصعب على المستمع له فهم قصده ، وحين يعرف بأن خطابه لم يصل يبسط الأمر ويشرحه بمنطق يحملك الى عالم فكره الذي يتداخل فيه الخيال الواسع بالاستدلالات من أقوال كبار الفلاسفة وبالمراجع والمصادر المهمة للفلسفة والفكر مما يجعلك تتابع حديثه علك تمسك بمضمون مداخلاته الغنية والغريبة في آن واحد
عزيز يجعلك تتساءل حول سلامة عقله ، بل يدفع بك إلى التساؤل حول الخط الفاصل بين الجنون والوعي ، هذا الكم الهائل من المعرفة الذي يحمله في ذاكرته ، وهذا الشغف الكبير بالمطالعة ، وهذه الطريقة في التعبير عن الرأي التي تأخذك إليه بالرغم من ضبابيتها جعلت كل من صادفوه يحاولون تحليل شخصيته لكن لا تظهر لهم منها سوى جواز سفره وشهادة إجازته في علم الاجتماع التي حصل عليها قبل وجود 
الجامعة بمدينتهم بعقود من الزمن



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.