jeudi 5 décembre 2019

معبد الحرية // نصر الغزي // العراق



المكان. قلب العالم.. ومعبد الحرية... بغداد
الزمان ...1‪990
(((معبد الحرية))
كانت الشمس تطرد خيوط الظلام؛ تحلق عاليا في كبد السماء؛ كنت أنظر من نافذة البيت المطل على ساحة التحرير؛ أتأمل وجه بغداد حيث نهر دجلة و أبي نواس و الطرق المزدحمة و الأزقة التي يملؤها صوت الأطفال و هم يركلون الكرة وتلك الجسور التي تربط بين الرصافة و الكرخ و ذلك الزورق الخشبي الصغير
و شارع السعدون و الرشيد و المتنبي الذي يتحول يوم الجمعة إلى -سوق عكاظ- يجمع الناس.. تجد العراق في قلب بغداد.. يستمع للشعر في قاعة علي الوردي و نازك الملائكة و تلك المتاحف الجميلة و باعة الكتب التي تفترش الطرقات.. و تلك المقاهي التي تجمع الشباب و المسنين معا كمقهى "الشابندر" و "الزهاوي" و "الاسطورة
كنت صغيراً جالسا أمام التلفاز أنتظر أفلام الكارتون "السندباد" و "علي بابا" و "ياسمينة العصفورة "التي ترافق السندباد و" المشعوذة "ميساء".. و وط اللصوص الأربعينط.. كنت متشوقا ً لمعرفة ما يجري و فجأة يظهر ذلك المذيع لكي يقدم نشرة الأخبار، كنا نتذمر كثيراً؛ و كان أبي يستمع له و كأنه هو المعني بذلك... تغيرت ملامح وجه أبي أخذ يصرخ بصوت عال: أين أنت ِ ؟
..أجابت أمي: أنا هنا في المطبخ
.."جهزي حقيبتي غدا سوف التحق بمعسكر التاجي"
..و منذ ذلك الوقت و أنا أكره نشرة الأخبار
أبي متى تعود؟ -
قال: يا احمد..!! سأعود عندما تشرق تلك الشمس و يعود النورس فوق دجلة يحلق بأمان
ضمني إلى صدره.. و كانت دموع أمي كأنها المطر؛
..تبتسم رغم كل شيء من أجل أبي و الوطن
كنت أحاول أن أتصرف مثل أبي.. أجلس على كرسيه؛ أسمع فيروز التي كان يحب صوتها مع الشاي و كعك أمي اللذيذ.. كنت أمزح كثيراً و أخبر أمي بعدم الخروج، أنا رجل البيت.. و هي فرحة بي.. جرس البيت يرن ذهبت لكي أفتح الباب وجدت جارتنا أم عمر عند الباب.... سوف نذهب إلى السوق
...أمي أريد بعض أوراق الرسم -
عادت من السوق متعبة منهكة.. أخذت أوراقي و بدأت أرسم خارطة الوطن ... و أكمل ما تبقى من الحصص المدرسية
كانت أمي جالسة منشغلة في أعمال البيت.. فجأة توقف كل شيء هناك بيان عن بدء الحرب.. كانت ملامح الخوف في عيون أمي و هي تقول: بردا وسلاما على العراق و أهله.. الخوف من قصف الطائرات جعلنا نغلق الأبواب و النوافذ و نضع قماشا مبللا من أجل ألا تدخل الإشعاعات الضارة
سمعت صوت الجرس يرن.. صوت أبي يخترق مسامعي -افتح أيها المشاغب الصغير..!! شعرت حينها أن الحياة بدأت تدب في أركان المنزل.. احتضن أبي أمي و هو يحبس الدمع في عينيه.. جلسنا حول مائدة الغداء قال أبي: بعد إكمال دورة التدريب نقلنا إلى وحدتنا العسكرية؛ لقد جلبت لك هدية ثمينة
ما هي يا أبي ؟ -
.قبضة من تراب الوطن و خوذة شهيد -




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.