lundi 9 décembre 2019

حدس // أحمد البحيري // مصر



نظر إليه وهو يقول: لو وددت زيارته بأي وقت فلا مانع. قال بأي وقت أي وقت؟. قال نعم. قال هيا الآن. كانت نحو العاشرة، وكان عليهما المشي عبر الترع والمصارف والحقول نحو ساعة حتي وصلا الشيخ المبتلي. طرق إبراهيم باب المصنع الحديدي طرقات قوية متتالية حتي سمع صوتا من الداخل. ولما دخلا وجدا الشيخ ملفوفا في بطانيتين ونائما. سأل الخفير أن يوقظه فرفضا. وإذ استيقظ على صوت سمرهم إطمئنا عليه وطلبا أن يظل ممدودا في فرشته ولا ينهض. وبعد القهوة ودخان المعسل سمعوا صوت استغاثة. ثمة إمرأة تصرخ من مكان قصي. ولما ارتفعت الجلبة قفز المريض من فرشته وفتح الباب. كانت أقدام المستيقظين بهذا الليل الشتوي تركض أمامه علي الطريق صارخة مسرعة. ركض معهم وهو يقول هاتوا الطفايات. صديقه الزائر كان قد لحق به،ورأى دخانا متصاعدا يوحي بكارثة، ثم ولى يسأل خافير المصنع: أين الطفايات؟. رد الرجل الطويل النحيف: أي طفايات؟. قال سمعت الشيخ يقول وهو يجري. رؤية الحريق أربكت الخفير. وبعدما أفاق لرشده دخل يجري وفتح غرفة تمتلأ بالأنابيب. حمل الزائران اثنتان وخرجا يركضان. أصوات استغاثة النسوة تتعالى. لا أحد يعرف مالذي تصنعه بالعقول. ربما لو كفت تلك الأصوات لسهلت السيطرة. ودلاء الماء تغرف من الترعة الموازية للطريق وترافق دخان الأنابيب. وأصوات تسأل إن كان تم إبلاغ المطافي من عدمه. وبعد عشرين دقيقة تم حصار الحريق وتمكن الرفاق الثلاثة من رؤية بعضهم البعض. كانت بمبنى من طابق واحد ملحقا ببيت كبير، وبه فرن خبيز وحطب ذرة وكوالح وبعض المواشي. لقد تم سحب البهائم في أول الأمر. كما اطمأن الجمع أن سكان البيت لم يصابوا بأذى، عدا العجوز التي اكتشفت الحريق ونقلت في الحال إلى المستشفى. ولما خمدت النار تماما عاد الثلاثة إلى المصنع. فتش كل منهما في ملابسه وجسده وما وجدوا غير جرح ينزف من دلو معدني في ساق إبراهيم. ضمده الخفير وهو يضحك ويقول: حظك. لقد أتيت إلينا بهذا الوقت لتربح الخير. وبعد نوبة ضحك هستيري عادت الشيشة للعمل مع أكواب الشاي الساخن، حتى بلغت الواحدة وعاد كل شيء إلي سيرته الأولى. وما نام المبتلي بفرشته حتي نظر لصديقيه وهو ويقول: كم أشفق عليكما من المشوار





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.