vendredi 6 décembre 2019

شاعر بنفسية مرهقة // زيد الطهراوي // الأردن


يهتم النقاد كثيرا بطفولة مصطفى وهبي التل “عرار” الذي عاش بين أبوين متنافرين، فأثر ذلك عليه في شبابه ، و النقاد لم يقصدوا بهذا أن “عرارا” ليس وطنيا، و لكنهم كانوا يلاحظون أن شخصيته متمردة لا تكاد تهدأ ..فوصلوا إلى حقيقة.. وهي أن هذا التمرد كان نتيجة للحياة التي عاشها في طفولته
كبر “عرار”.. ليشارك مشاركة متوترة في أحداث كثيرة سرقت منه شبابه الباكر؛ بل و استمرت إلى مرحلة متأخرة من حياته.. يسجن ثم يخرج من السجن إلى وظيفة، ثم يفصل منها، ثم يعود إلى وظيفة أخرى، ثم يعود إلى السجن بعد أن يكون قد فقد وظيفته، و هكذا.. اختلط الأمر على الدارسين؛ هل كان شجاعا، أم متهورا؟ .. و هل كان يفعل ذلك بحركة متأنية أم أنه كان مندفعا بتأثير نفسيته المرهقة ؟ .. حين كان في بداية الأربعين من عمره سجن مع إبنه”وصفي” ..، و نظم في السجن قصيدة، أكدت هذه القصيدة أن شاعرنا المبدع كان متألما بسبب حياته المضطربة، و أنه يشتاق إلى حياة الاستقرار مع زوجته و أبنائه…، و بهذا يحتار القارئ و يطلب الفكاك من أسر هذه الحيرة، و لا فكاك إلا بالاقتناع بأن الشاعر يفرغ بهذا التهور جزءا من تضخم القلق في نفسه، و لا بد من أن نعرف مواقف “عرار” قبل أن نصدر أي حكم عليه
:لقد هاجم الشاعر المرابين فقال
/قولوا لعبود عل القول يغنيني
.إن المرابين إخوان الشياطين
:و ألقى اللوم العنيف على من لم يدافع عن الوطن و الأرض فقال
/أهلوك قد جعلوا جمالك سلعة
تشرى و باع بنو أبي أوطاني
و ذووك قد منعوك كل كرامة
.و أنا كذلك حارسي سجاني
:و طلب من الناس أن يدفنوه في وطنه فقال
بحوران اجعلوا قبري لعلي
.أشم أريجها بعد العناء
..و بهذا كله.. يكون الشاعر قد أثبت أنه يكتب الشعر و هو بكامل قواه العقلية و النفسية، و قد كان من القلة التي تعلمت و أبصرت الخطر العظيم من الأعداء و الجهل و التجاهل من الأحباب و هو يشاهد تحكم المستعمرين ببلاده و لا يجد مناصرا حتى من أبناء جلدته، فسار وحيدا يتخبط أحيانا بتصرفاته الارتجالية الصاخبة، و يبهر الناس بأشعاره الحكيمة المتزنة


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.