vendredi 27 décembre 2019

ورغم ذلك فهي تدور ..// محمد بوعمران // المغرب


العالم كله بالنسبة له كرة أو برتقالة أو أي جسم له حجم دائري نستطيع إدارته حول محور وهمي ، هذا ما تعلمه في المدرسة حين شرح له أستاذه شكل الأرض ودورانها حول الشمس وحول نفسها ، ورغم أن الفكرة ظلت غير واضحة في ذهنه بالشكل الكافي فإنه لايتردد في تقديم هذا الشرح لأبيه وهو يحاول إقناعه بدوران الأرض 
كان الأب أميا ،وكان الابن قد غادر جدران المدرسة منذ سنوات ،وأصبحا منشغلين بأشغال الفلاحة والاهتمام بالأرض وتربية الماشية ،ولم يعد مهما بالنسبة لهما أن تدور الأرض أو ترسو أو يكون شكلها كالكرة أو البرتقالة ، إلا أن هذا الموضوع كان يثار بين الفينة والأخرى من طرف أفراد الأسرة ليستمتعا بالحوار الحامي الوطيس الذي يدور بين الابن وأبيه وكأنه فصل من فصول مسرحية كوميدية ترفه عنهم في غياب أية وسيلة اخرى للترفيه في زمن لم يقتحم بعد التلفاز البوادي
تكرار الموضوع طال لمدة سنوات ، وأصبح الأب وابنه مشهورين بهذا الحوار المدهش في أوساط العائلة والأقارب فكانت الأمسيات والجلسات العائلية تستمتع بمشاهده الفكاهية
...الابن يشرح والأب يكذب
الابن يضع كرة بلاستيكية أمام ضوء الشمعة ليقنع الأب بدوران الأرض وتعاقب الليل والنهار ، والأب يفند ادعاء الابن مستدلا بأن باب المنزل وأبواب الحجرات هي ثابتة في مكانها منذ أن فتح عليها عينيه وأن الطريق إلى الحقل والسوق مستقيمة
تتخلل الشروحات والدفوعات مشاهد تجعل المتتبعين يبكون من الضحك ولا يتدخلون حتى لا يفسدوا متعة المتابعة
مرة لم يكن الأب مستعدا لتحمل حماقات الابن فقال للابن بحضور افراد من العائلة
-هذه اخر مرة تحدثني في هذا الامر ...تعبت من فلسفتك ...لم تتعلم في هذه المدرسة إلا التفاهات
...رد الابن بانفعال
...ورغم ذلك يا ابي العزيز ...فهي تدور -




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.