mardi 10 décembre 2019

بين الالتزام والفن // زيد الطهراوي // الأردن

الزهور و الطيور و الينابيع كلها مظاهر طبيعية تجلب انتباه المبدع فيصفها شعرا أو نثرا، و قد يطول الوصف؛ فإذا غادرها انتصر شعر الحنين إليها فلبس أثواب الوصف و أضاف عليها ألوان الشوق و البكاء.
فقد تجد لشاعر أندلسي قصائد كثيرة في وصف المظاهر الطبيعية الخلابة، فكأنه متخصص في رسم التضاريس، صارف وقته في الاهتمام بها
أما في العصر الحديث فقد كثر الكلام عن الالتزام؛ و هل واجب على المبدع الفنان أن يلتزم بقضايا أمته و وطنه،على اعتبار أن قضية الفن مفروغ منها، و أن المختلف فيه هو الالتزام فقط؟
و أجمل ما قيل في ذلك أن من ولد و في فمه ملعقة من ذهب و وطنه لم يتعرض للتهميش و التهديد أو الاحتلال في أسوء الأحوال فإنه معذور في ترك الالتزام و الانهماك في وصف نهر منساب أو طائر مدهش حال سكونه و تحليقه.
أما من ولد و على رأسه و رأس أبناء جلدته تنهال المتاعب؛ فهو ليس معذورا في الانسلاخ عن واقعه و واقع المحيطين به؛ و العيش في عالم آخر من الورود و الأشجار و الطيور.
هذا الالتزام حتمي ولكن المثير للانتباه هو أن الشاعر مطالب من جمهوره بأن يوضح كل ما يكتب، وهنا يحصل التصادم بين الفن والالتزام، فالشعر جمال، و الوطنية جمال، وحقوق الإنسان جمال، والحث على القيم السامية جمال، وهذا كله بحاجة إلى أن يكون المتلقي واعيا لضرورة أن يبدع الشاعر في صوره ورموزه مع التزامه بقضايا أمته ووطنه وقضايا الإنسان الشاملة،
فكم من قصيدة لا تحتوي على المستوى الأدنى من القيمة الفنية انتشرت بين الصغار والكبار، لأنها تتحدث عن أمر مهم كالوطن أو الظلم أو الحرب التي تشرد الضعفاء بلا ذنب.
وكم من قصيدة شمخت بأدائها الفني مع التزامها ولكنها لم تنتشر بالصورة التي ذكرتها في الحالة الأولى.




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.