lundi 20 mai 2019

عوالم الروح // كامل عبد الحسين الكعبي // العراق


هذا الضجيجُ الخانقُ يدفعُني للانكفاءِ على الذاتِ والاستئناسِ بالنفسِ والسياحةِ في أَغوارها الفسيحةِ وملاذاتها البعيدةِ والإصغاءِ لعوالمها الخفيةِ ففيها جزرٌ لازورديةٌ ومدن أفلاطونية وفيضٌ من شلالات معارفٍ لا تنسكبُ إلاَّ برفعِ نواظمِ التبكيتِ المصطنعةِ واستجلاء كوامنها على نسغِ الذاكرةِ ، فما أجمل التوحّد حينَ يكونُ احتباساً حراريّاً يفجِّرُ طاقات الروحِ وينعشُ أجنحةَ الخيالات المهيضةَ لتُحلِّقَ في سماوات تضجّ بلآلئ الفكرِ والصور المحجوبة عن الظهورِ وحروف تتهاوى مع الريحِ تتنافرُ فيما بينها كخيول جامحةٍ كنوارس مفجوعةٍ كَحبّات لؤلؤٍ فرّتْ من صاحبها وتناثرتْ في الطريق ، حروفٌ لا تأتلفُ فتكون جُمَلاً مفيدةً إلاَّ بكشفِ طرفها الجاذبِ لتنساقَ معها بقيّة الحروف ، عَوالِم جميلةٌ تسترعي الإصغاء وترجمة لغاتها المختلفةِ برويّةٍ وهدوء بعيداً عن أعاصير الشتاتِ وأَعْماقِ مجاهيل الشرودِ فلا تكون أفكارُنا متضاربةً ولا ثمارُنا فجةً غير ناضجةٍ ولا أنغامُنا ناشزةً تأنف منها الأسماعُ وتستهجنها الأذواقُ ، ولا بأسَ بالتكرارِ فالمثابرة والإصرار مثل المطرِ حينَ يتوالى يفتّتُ الصخورَ الصلدَةَ فترتسمُ الصور بومْضِ البرقِ وتُستجلى المعاني بنبضِ الوردِ والمباني من قلبِ البَحر


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.