samedi 14 novembre 2020

دراسة تحليلية لنص"ارتقابُ البعثِ الأول" للأديب باسم عبد الكريم العراقي // ميلو عبيد // سوريا


{ إلى رحيق فرَّ من مدارات الوجود ليكون وجودي. . لا رجاء }
النص :
------
عندما ....
يستشري اليقينُ
الناصعُ القلب...
فإنّهُ يفوحُ حقيقةً
صــــــــــــــــــــــــــــــــــــــارخةً ( انتِ )
................................... بوجهِ العالم
هدنةُ الإنفناءاتِ المطرَّزة
................... بتباريحِ المهد
آنَ أزلُ
اغانيها المُسابِقة
فراشاتِ أوتارِها
فلقدِ إبتدأَ
... بعدَ سُباتِ الأيامِ الهاربةِ القسمات
عيدُ اكتشافِ الذات
............... لأول مرة
فلماذا تتيهُ
غرابيلُ المكابرة ..؟؟
وهل يقومُ
شاهدُ الآمالِ المجذومةِ
.... في صدَويةِ الإنسلاخِ المتملِّقِ
.... أمجادَ الإفتتان
إلّا
على جرحِهِ
فنارَ أفئدةٍ
...... تُضَيِّعُ
أناشيدَ الفجرِ النّدي
... ــ انتهى الثَّواء.. وليُحَصحِصِ النشور .. ــ
بين غمغماتِ العُبابِ الغافي
في عيونِ ناياتِ الشروقِ الأزلي
.................. لهَذَرِ الوحشةِ المألوفة ...
...( زمانكِ و ..إحتضاري )
ولا من قبسٍ يورقُ
في إبتسامةِ إنطفاءِ الأثر ...
../ كؤوسُ الصحو .. حائماتٌ حول غدِ الأرتقاب المُر
.. كان ..
يكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــون
العناد
أناملَ من ورق
تنحتُ
في جلمودِ الوعد
حلمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاً دان ..........
لنشيدِ الأحضان
المحصودةِ الشفاه ..
باسم عبد الكريم الفضلي // العراق
---------------------؛-----------------
الدراسة :
--------
يبدأ النص بما يمكن اعتباره عتبةً اضافة للعنوان :
إلى رحيق فرَّ من مدارات الوجود ليكون وجودي. . لا رجاء
ترى من الذي يخاطبه الكاتب هنا ، وإلى من يوجه رسالته !!؟
تبدأ العتبة بـالحرف الجار /إلى/ دون أن يتبعها بضميرمخاطب متصل علني ومتعارف عليه ( إليه. إليك. إليكم...) بل جاء بعده اسم (فردا، جماعة ) معني بالخطاب ، محذوف لسبب ما و حلت محله جملة / رحيق فرَّ من مدارات الوجود ليكون وجودي / وكما هو معروف في (علم اللسانيات ) فإن مايعرف بالخطاب يمكن ان تشكله كلمة واحدة ، اوقد يستلزم جملة كاملة بنوعيها الفعلية و الاسمية، وقد يتطلب ذلك جملاً عدة ، وسأحدد هوية هذا المخاطَب (المرسل اليه) المستعاض عنه بتلك الجملة الواردة بعد ( الى ) :
بدايةً نلاحظ أن الكاتب استخدم في لغته النصية كثيراً من المفردات ذات الدلالة ، بدرجات معنوية متفاوتة ، على الخلق الأول ( رحيق. مدارات. الوجود. البعث. مهد. أزل. الذات. الثواء. الفجر. عباب. قبس . كان ويكون. ارتقاب ) و الخلق الأول لأي شيء هو النطفة ( الفكرة ) أو الرؤيا ومن ثم تجسيدها وتطبيقها ، اذا هو خطاب ابتدأ بتبيان إيديلوجيا الفكرة ، ثم نزل به إلى مايمكن اعتباره معالجة رؤيوية لموضوعة ( إنسانية الانسان )، لنقل ان الشاعر قام بإسراء عكسي ( اود التنويه هنا الى ان المتابع لنصوص الفضلي الأدبية باختلاف اساليبها ، يلحظ تبنيه لموضوعة الإنسان، والانتصار لانسانيته ، فكل نص منها لا يخلو من صرخة : أنااااااا الإنسان ، الإنسان غير المستلب فكريا ، بارادة تقلب الموازين )، فنلاحظ في النص مثلاً ان زمن فعل أمر وجوابه / كن ...فكان ، قد ولى وأصبح / كان..يكـــــــون) .
و كمدخل لدراستي سأقوم بتفكيك معاني بعض الدلالات الواردة في النص، وعلى ضوء ذلك يتم تقرير قبول أو نفي تلك المعاني بما يتناسب وفكرة النص الرئيسة وكالآتي :
ـ رحيق : المصدر رحق ( ر. ح. ق ) وهو اسم لا فعل له (لغويا'') وهو سائل سكري عطرتفرزه الأزهار لإستقطاب / الحشرات / النحل وغيرها / من أجل التلاقح ومن هذا التحليل المعنوي لهذه المفردة نجد انها تشير ضمنياً لهذه المعاني :
1 - الاستقطاب = تجمع// فكر رؤيوي
2 - التلاقح = تلاقي تفاعلي منتج = تكاثر الأزهار // إزدياد عددي لكائنات مجتمعية معينة
ومن (2 ) ينتج :
أزهار كثيرة تنتج مجتمعةً مقدار روائح عطرية شديدة التركيز قادرة على طرد تلك الكريهة = جو عام نظيف // لا قيح لا فساد .
ومن .( 1 ، 2 ونتيجته ) نخلص إلى هذا المعنى الذي يريده النص :
(فكر رؤيوي ، تفاعلي إزدياد عددي تمثل شريحة مجتمعية معينة ، لا قيح ولا فساد = ثورة أو انتفاضة فكر ) هذا من جهة ، ومن جهة أخرى هو سائل غذائي تعطيه الزهور للنحل / مصدر للإرواء منبع من (نبع ) يعطي بدون مقابل ، إذا هو منتج لما يروي او يشبع الآخرين // إصلاحي
( ثورة / انتفاضة فكر / إصلاحي ) = ثورة إصلاحية
- الفعل ( فرَّ ) أعطاه صفة الحياة / كائن يشعر ويتحرك / اذا تشكل لديه ردة فعل نحو فعلٍ ما ، وبالتالي قام بفعل المغادرة / الفرار/ من تواجده / الوجداني/ المحكوم ببعده الزماني/ مدارات الوجود ، ليس بقصد الهروب وإنما على مايبدو للقيام بمهمة ان يكون وجودياً / وجود الكاتب
الذي يحب ويرغب ويتمنى أن يكونه ، أي ليتجسد فعليا ويأخذ بعده ( الزماني ـ الفكري ) الحي بأبعاده المكانية على الأرض ويفعل فعله الذي أشرت إليه أعلاه ، وهو حلم (رجاء) التلاحم مابين الكاتب وذاته / فكره والبدء بقطف ثمار (الانتفاضة الإصلاحية ) .
وهنا تجدر الإشارة إلى الجمالية في التعاضد بين الدلالة اللغوية الظاهرة والصوتية الموسيقة المحسوسة فنلاحظ ( ....الوجود ،....وجودي )
فتلك ( الياء) حددت الأمر من وجود مفتوح / مطلق ، إلى وجود ذاتي / محدود ، من حيث المعنى ، ... لكن.. نجده يقول : لا رجاء ، ليوحي أنه كانت هناك محاولة ، او تمنٍ بتحقيق وجوده ، ولم يكتب لهما النجاح ، مما جعله ينفي رجاءه ، هنا يتولد لدينا سؤال ما الذي منع ( إنتفاضة الكاتب الإصلاحية ) من أن تمسك بعصارة تجاربها الوجودية لتكون ؟؟؟؟ والتي بالنهاية ستفضي إلى تجدد وانبثاق في الصياغة الفكرية / ارتقاب البعث الأول /،ما الذي منعه رغم قيامة الجوهر/ اليقينُ / المعلوم الرؤيا البين / الناصع القلب / والذي لا يمكن أن يكون سواه من مصلح ؟ فهو يقول :
{ عندما يستشري اليقينُ الناصعُ القلب فإنّهُ يفوحُ حقيقةً صــــــــــــــارخةً... ( انتِ )
.......بوجهِ العالم }.
معاودة تأكيد الكاتب على من يخاطبها بشكل صريح ( انتِ ) إنما أراد من ورائها الدمج بين مرسلتين ، بقصد المقاربة بينهما ، ذاته ( فكر ) والتي مثلتها الانتفاضة الإصلاحية كما أسلفت أعلاه ، و(انتِ) تلك الشخصية المحبوبة التي لطالما سكنت نصوص الفضلي كسكناها لقلبه وروحه و وجدانه /عراقه / لكن انثنتها واحتضانها مابين قوسين إنما لدلالة ضمنية ايضا'' على أنها مرسل اليها / مخاطبة (حقيقية أو رمزية ) أحبها إذ وجد فيها ذاته .
هذه الطريقة بالنسيج هي تعبير أنيق عن ( الجمالية الباروكية )* ان صح التعبير ، فقد جمع في رؤية واحدة بين بعدين انتمائيين لعراقه و انثاه ( لنقل عنها الخرافية ) ذات البعد الزماني
غير مكاني من جهة ، وبعد ( صوفي ) فكري من جهة اخرى. لكن وصفها بهذه
الطريقة :
(حقيقةً صــــــــــــــــــــــارخةً )
اي بصورة جلية واضحة لا عيب فيها ،لا أظنه مجرد بذخ وإفراط في كلام الحب بقدر
ما هو لغاية تتعلق بالمعنى ( التحتاني ) للنص .
ـ صــــــــــــــــــــــارخةً : دلالة نطقية مصدرها الفكر ، والصراخ نوع من الإعتراض والإنتفاضة الاحتجاجية ، دعمه الكاتب بالمد الحرفي موائما'' بين التشكيل (من شكل) والمعنى اللغوي والجرس الصوتي (حنكة لا متناهية بضبط دفة التوجيه )، إذا هو فكر حر ،والمقصود تلبية الحب بالحب ( الفكر بالفكر ) الأوسع زمانيا''ومكانيا" وبالتالي الإنتماء بالإنتماء الأشمل . يمكن القول إن الكاتب يحاول تحديد نوع الحياة بأنها إلتماس الإنسان ( ذاته) للوجهة الفكرية .ويسترسل الشاعر قائلا:
( هدنةُ الإنفناءاتِ المطرَّزة
................... بتباريحِ المهد
آنَ أزلُ
اغانيها المُسابِقة
فراشاتِ أوتارِها
فلقدِ إبتدأَ
... بعدَ سُباتِ الأيامِ الهاربةِ القسمات
عيدُ اكتشافِ الذات
............... لأول مرة )
سأحاول الإضاءة على بعض معاني الكلمات لتسهيل وضعها في السياق العام لفكرة النص .
- ( هدنةُ ، سبات )
متشابهتين كمعنى ظاهري :
هدنةُ : توقف .فسحة. تجمد . إقامة ؟؟ . نوم؟؟
سبات :نوم ؟؟
متضادتين كمعنى دلالي :
هدنةُ : نوم يقظ بقصد العطاء و الحركة لاحقا" ،
سبات: نوم غير يقظ نوم اللامبالاة ( لا إستجابة ، عقم )
- الإنفناءاتِ : العطاء دون مقابل ، وحتى لغويا نلاحظ أن الكاتب استخدم التصريف أو لنقل التفضيل الثالث (الأخير ) بقصد الملازمة اللغوية مع القصدية الدلالية .
- بتباريحِ المهد : المرقد الأول ؟؟
آن أزلُ : أفادت التنبيه ( توحي بقصة عشتار التي تنبه تموز من نومه / مثيولوجية سومرية )
- عيدُ اكتشافِ الذات : الولادة
وبتشبيك بسيط لهذه المعطيات نخلص إلى ما يلي :
فكفاه رقاد الرقاد الذي يسبق لحظة الحبل الأولى و الذي يكون العطاء فيه بأعلى مستوى من بذل الذات /إنفناء/ ليكون ذاتا" أخرى تؤمن استمراريته .
فنى العمر عطاء" / إعدادا''/ بدون مقابل وهو مازال ينتظر مولوده ، ذاته المتناسلة منه (فكريا....) .
استفاقت ذات الكاتب وانتفضت (بأسى وأسف تجلى بالجرس الموسيقي الصوتي المدرك حسيا''في هذا المقطع ) ،استفاقت وأدركت أن أكثر ما يرهق الفكر ويعيقه هو وجود هوة مستحكمة */ سبات / تجلى بعدم الإستجابة وبالتالي بيئة حاضنة عقيمة/ايام هاربة القسمات / هوة فصلت الاجيال المتعاقبة عن بعضها البعض ودفعتها بغربة عن البعض الآخر ، فلو تتبعنا مسيرة الانتاج الإصلاحي الفكري لأرعبتنا تلك الهوات ، الفجوات المعرفية التي اندرست في اعماقها معالم التواصل والتتابع والتلاحم والتلاقح والتخاطب والتناغم والتساوق الفكري ، الذي أشرت إليه بداية .وأخيرا تنبَّهَ تموز (الكاتب) / الإنتفاضة
الإصلاحية ، إلى وجوب إنهاء الهدنة (العطاء ) وابتداء النهوض.
وبعد تكشف كل هذه الحقائق البينة يطلق الشاعر تساؤله الوجودي :
( فلماذا تتيهُ
غرابيلُ المكابرة ..؟؟
وهل يقومُ
شاهدُ الآمالِ المجذومةِ
.... في صدَويةِ الإنسلاخِ المتملِّقِ
.... أمجادَ الإفتتان
إلّا
على جرحِهِ
فنارَ أفئدةٍ
...... تُضَيِّعُ
أناشيدَ الفجرِ النّدي )
ـ فلماذا : هنا أفادت الإستنكار لمزاعم ومخاوف وضياع /تيه / لا مبرر له
- غرابيل : جمع غربال وهذا / صيغة مفعال ،اسم آلة مثقَّبة عازلة للصالح عن الطالح لما يوضع فيها من مواد مخلوطة بشوائب ، وهي تشير هنا الى ابعاد كل ما يلوث ( يشوه ) الحقيقة الساطعة ، والمقصود (بغرابيل ) في سياق المقطع النصي هم صفوة النخبة المفكرة وهي ولولا أنها عزيزة الفكر /مكابرة / لما كانت فاعلة .
ربما القراءة الأولية لهذا المقطع توحي بنوع من الأسى / وهل يقومُ شاهدُ الآمالِ....إلاّ على جرحِهِ /، والإستسلام وبأن الإنتفاض والإصلاح أو التغيير/ أناشيدَ الفجرِ النّدي / لا يقوم إلا على خسارة من أحب / تُضَيِّعُ / ، والحقيقة غير ذلك ، فهو انما تسليم للعقل (تسليم حي)وليس استسلاما'' ، بل هو نمو و دينامية حركية /انبثاق/ وليس خسارة وتقهقر ، هو كما أشرت في بداية قراءتي تلبية حب بحب أوسع وهذه الخسارات ما هي إلا فرط من العطاء بقصد الحصول على جنين متعافي ( ذات متناسلة ) .
- وحتى لغويا عمد الشاعر إلى طريقة الإسناد الجملي (وهل يقومُ شاهدُ. .....إلاّ على ) ،
( نار الأفئدة ...تضيعها أناشيدَ الفجرِ. ..) شيء يقوم على شيء
هو اذا'' بالمعنى الظاهري إفناء وبالمعنى التحتاني الجذري حياة ،نوم قلق ، هدنةُ عطاء كما أوضحت سابقا'' .
هوذا بعضٌ من الهم الشعري لكاتبنا الذي عرفناه لا ينفك يثبت بأن الإنسان وحدة متلاحمة عقلا'' و روحا'' وجدانا'' وفكرا'' وقلبا'' في هذا الكون ، رابطا''بين الحقب فما بين /آمال/
المستقبل و /أمجاد/ الماضي و/فجر/ الحاضر ، قام بزعزعة الثوابت صائغا'' للخلاصات / بأن المعنى الحقيقي للحب * هو مجانيته التي تقصي وتنفي اي قابلية للتفاوض وأنه يستحق أن نبذل في سبيله ثرواتنا (........)
كلها فهو يؤكد :
(.. ــ انتهى الثَّواء.. وليُحَصحِصِ النشور .. ــ
بين غمغماتِ العُبابِ الغافي
في عيونِ ناياتِ الشروقِ الأزلي
.................. لهَذَرِ الوحشةِ المألوفة ...
...( زمانكِ و ..إحتضاري )
ولا من قبسٍ يورقُ
في إبتسامةِ إنطفاءِ الأثر ...
../ كؤوسُ الصحو .. حائماتٌ حول غدِ الأرتقاب المُر
.. كان .. يكــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــون
العناد
أناملَ من ورق
تنحتُ
في جلمودِ الوعد
حلمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاً دان ..........
لنشيدِ الأحضان
المحصودةِ الشفاه ...)
فهنا اكتملت الآنية الفخارية وثبتت يداها الشارحتين(--...--)* .
( الثَّواء . النشور )
الثَّواء: مصدر ثوى ومعناه / الإقامة على ... .
النشور : بعث الموتى من القبور وإحيائها ، وهو يوحي / بالإقامه من ..، نجدهنا تضاداً نموذجياً
انتهى الثَّواء : انتهت الإقامة والإستقرار
- الإقامة والتي تكافئ إقامة /الهدنة /
-الاستقرار والذي يكافئ المرقد الأول/تباريح المهد/وقد سبق تبيانهما في دراستي للمقطع الثاني من النص .
ـ ليحصحص النشور /الإقامة من ...
إعلان نهوض ( الإنتفاضة الإصلاحية ) و الإحياء من جديد وخروجها من طور الحضانة والتخمير (الإعداد) ، نهوض سيعيد صياغة/حصحصة / المعنى الحقيقي للانتماء الفكري ،الإنتماء الذي يفك قيد الإنسان من سطوة الاستبداد المتجلي قي مختلف أشكال القهر و أولها القمع الفكري/الغافي/ (إعادة نشر ).
إذا" تنبه الفكرالإصلاحي*من مرقده ونفخت فيه نسمة الحياة (الوقت الحاضر ) ، والإبداع ( مرحلة الغد ). فماذا عن (مرحلة ما بعد الغد ) الشمولية ؟؟؟
(زمانكِ و. . احتضاري) وصل الأديب بذاته الشاعرة إلى أعظم تقدم /زمانكِ /بالحياة الوجدانية الشمولية / ذهنياته التي غدتْ مرآة لطبع ونحت العينات ،رؤياه الفكرية الإصلاحية في الوجدان (الفردي .جماعي) ، والرغبة الشديدة بالتلاحم والسير باتجاه المرآة (ذهنياته) يقابلها ابتعاد بالحركة نفسها عن معطيات حياته الواقعية المعاشة (أهله ناسه عائلته ، تلك ال ''انتِ '' خاصته) بكل تفاصيلها وبالتالي تلاشيها /إحتضاري/ ، وحتى الجسد مات قبل أن يموت ، أن لم يكن هناك من ذرية تحمل مورثاته الجينية فهو عمليا'' ميت بيولوجيا'' ./ ولا من قبسٍ يورقُ في إبتسامةِ انطفاءِ الأثر ../ .وبالتالي نستطيع القول :
جاءت الشارحتان (- ....-) في بداية المقطع تعبيرا عن التوازن الثقلي
الوجداني( - زمانكِ ....إحتضاري -) الذي حققه الأديب بخياراته مشكلا منهما
محصلة قوى شعاعية وهو المعروف برؤيته للفكر على أنه شراكات طولية يقوم بربط أطرافها مع بعض /تتالي زمني .....
/ كوؤس الصحو .....
-السكتة / : هي هدأة النفس بعد الوفاء
غالبا توضع لإضافة توضيحية زيادة في التأكيد ، مداخلة ذات صلة .
ـ كأس : دالة يحدد معناها مدلولها ، فقد تكون اية كأس ، الا ان الاقرب دورانا على كل انسان ودون إرادته ، هي ( كأس الموت ).
الصحو : من صحوة ، الإستفاقة (الفكرية )الإقامة من الغفلة والتي غالبا ما يسببها بؤس الواقع المحسوس القائم على المفروض من السليقة الفكرية المؤنظمة .
وبالتالي : ( كؤوسُ الصحو ) هي كؤوس الإماتة لتلك الحيوات المسلوبة ، واستعادة الفرد لصحواته (لفكره ) التي طال انتظارها /بمرارة ، من غفلتها .
.ـ.كان ..هي فعل ماض ناقص ،جاءت في معناها الدلالي ضمن سياق الجملة لتؤكد أن أمرا أو فعلا كان قائما وانتهى ، ظاهرياً... يبدو أن هذا الأمر هو /كؤوسُ الصحو ، لكن هناك بعض الدلالات اللغوية التي تركها لنا الأديب والتي لا يمكن تجاهلها ؟؟
لما لم يقل ''كانت'' كون كؤوس مؤنثة / لا يصح أن نقول كان كؤوس ، لا شك أنه يدرك ذلك ...إذا'' لما لم يكتبها كأس فيصح القول / كان كأس ...؟؟؟؟ ثم إن
كؤوس جاءت جمعا'' أفادت ( الإنتشار . التزايد ) كونه تم الإستقطاب وهذا ما اوضحته في بداية الدراسة ، للاستفاقة الفكرية الإصلاحية والتي هي دأب الكاتب ضمن سياق المعنى التحتاني للنص فكيف ينهيه .إذا الأمر الذي كان وانتهى زمانه هو تلك الغفلة ولا ننسى أنه فصل ..كان .. عن الأداة (كؤوس الصحو ) وفعلها ( الارتقابِ المر ) ظاهريا والتي تكافئ ( الاستفاقة و الغفلة ) دلاليا ،ليكتمل المعنيين الظاهري والتحتاني / هي روعة الفضلي
بترك نقاط تماس بين الظاهر والمخبوء . وإن العناد معنا ، ذات الأديب وما يمثله /إنتفاضة و استفاقة / يكــــــــــــــــــــــــــــــون/
مع( هذا المد) لمن لم يعِ مجرد وهم وخيال /حلما''/ تحتضنه الذاكرة بعيدا'' عن نبض الحياة كاحتضان حبيب دون عناق . لم ينس الأديب ولا للحظة أسلوبه في الإسناد الجملي والمماثلة والمقاربة ،اسلوب يوحي بازدواجية فجاء الشكل(اللغوي)داعما'' و مؤشرا بأن النص هو نصين :
1 - دلالي ظاهري
2- دلالي تحتاني / يتضمن المعنى الشامل
ما فعله الأديب هو دعوتنا لاكتشاف معنى الثاني من خلال مافيه من اشارات، فحصلنا على نص هو من أصعب وأعقد النصوص وأكثرها خطورة على صاحبها ،إذ يعتمد الدارس على التأويل المنطلق من تساؤلات ودلالات ظاهر النص .
-------------------------------
هوامش :
*الباروكية : قصدت بها صفة للفن الذي نشأ في العصر الباروكي ، لا للإشارة لزمن ذلك العصر . ركز الأسلوب الباروكي على الحقيقة والحياة الواقعية الروتينية وقابلية زوالها / وهذا ما عبر عنه الشاعر بالمعنى الظاهري لنصه (حياته الخاصة ..إذ يقول لها لا رجاء ) ، ومن جهة أخرى برزت فيه رؤية فلسفية جديدة وهي التشكيك /فهو عصر النهضة والإنقلابات العلمية بما يخص الطبيعية فانتقل الشك الديكارتي إلى الأسلوب الادبي وبدأت الانزياحات وبدأت التعددية القرائية للمضمر (المعنى التحتاني للنص)
*هوة مستحكمة : اعني بها هنا هوة مفتعلة أو مصطنعة من قبل السلطة المؤسساتية لقلة وثوقها بحرية الفكر (الفردي .جماعي ) فتلجأ إلى احتكار التفكير وحصره في إطارها العقائدي ( منظومتها الايديولوجية ) فيستحيل على
الفكر الحر ، أن ينسجم معها ، فيتولد نوع من الانفصام المعرفي بينهما ، هنا تنشأ معارضة حادة لدى المفكر الحر تدفعه لمواجهة هذه العصمة العقائدية لتلك المنظومة
*الحب : يظن البعض أن العطاء (الإعداد ) الفكري هو ترف وبذخ لا طائل منه في ظل تعسر الواقع الفكري ( ادبيا'' . سياسيا'' اقتصاديا'' .اجتماعيا''...) وغاب عن ذهنهم أن أساس اي إصلاح هو النظر والرؤية المستقيمة في هوية الفكر الجمعي المهيمن على ما قبليات المسلك (الفردي أو الجماعي ) ، الهيمنة التي دفعته بالنهاية لنسيان عمره وهو يجابهها .
_*( -....- ) : هي جزء من هندسة العمارة البنائية للنصوص التشكيلية بكافة أنواعها إذ تضاهي الحرف دلالة .
_*( الفكر الإصلاحي ) : سمي الادب الاصلاحي بالفكر السياسي لأنه فكر ناقد رؤيوي متبصر .
******
ميلو مشهور عبيد //سوريا




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.