ما لسحب الحزن أرخت بظلالها على العقول ، وما للوجدان بات سابتا في خمول ، وما للعيون أمست ذابلة ترى ولا ترى غير أشباح سرعان ما تزول ، والعزائم مقيدة بأصفاد وكبول ، وغار الكلام في الأوداج إلا حديثا فاقد المعنى متقطع الحبال غير موصول ، تتخلله لحظات صمت والعقل دوار تائه بين أوهام وطلول ، والتهور غشي بعضهم وهم غير مبالين بمفاجآت صادمات تقتل أو تترك الندوب والكسور ، يندفعون في جموع والعدو بينهم بسلاحه الفتاك يتحين الفرص في تمور ، أليس الإنسان أرقى الكائنات جدير بالعناية وربه متكفل بالأرزاق إن شمر على ساعده وعلت الهمم طاب الرفاه وعم الآفاق ؟ والتدبير المحكم لمصير الشعوب ضامن النجاة وخير ترياق
قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً . صدق الله العظيم .
أين هذا الإنسان من هذه المكانة التي خصه بها الحق سبحانه بما وهبه من عقل ونطق ووجدان وذاكرة وخيال وقوى نفسية ونفخ فيه من روحه وصوره في أحسن صورة وخصه بالقيم المثلى ؟ أين هو من توظيفها حتى يحقق خلافته على الأرض ويقيم العدل في تعايش و سلام ليستمر النسل ويبني حضارة ويواجه مشاكله بروية ورؤية نفاذة وتبصر جسور ؟
لماذا الارتباك كلما حل خطب وهو مؤهل بما لم تحظ به باقي الكائنات الأخرى من تفكير فاق الغريزة إلى تدبير شؤونه بذكاء وفراسة في سائر الأمور ؟
هي كورونا اجتاحت أبدانا في خلسة حتى تراءى القوم من بعضهم في ازورار ونفور ، وغاب عنهم أن مواجهة الخطب إن حل فحري بهم البحث في أسبابه وفي آليات مواجهته لدفع الثبور ، أليس في الوقاية منه أن تقطع بينك وبينه كل الجسور ، أليس في الأكل والمشرب الطبيعيين للمناعة خير عبور ؟ وللتباعد والكمامة وباقي الفيتامينات الموصوفة تقوية لاجتثاته من الجذور ، وفي طمأنينة النفس ودحر الخوف نصف الدواء و أسلم مرور ؟ هي الجائحات تعاقبت على الإنسانية عبر الدهور ، فأقضت وانقضت ، ولا زالت الأرض بسكانها تدور ؟ أليس مدبر الكون رب الملكوت أدرى بعباده وهو الرحيم الغفور ؟ أليس لهذا الإنسان بما حباه الله من نعم لا تعد ولا تحصى لربه شكور ؟ أليس لكل داء دواء والنوايا الحسنة إن تعقبت آثاره مع تطور التكنولوجيا وتقدم العلم تنسفه من الأصل وعلى جبروته تثور ؟ فمصير البشرية بين أيديها فإما فتح غيور ، وإما عواقب وخيمة لا تقبل عذرا لما الأجسام تخور ، فالمسؤولية يحسب لها ألف حساب قبل تنفيد القرار والندم بعد فوات الأوان ضحك على الذقون بعد أن ترعب الصدور ، فالتاريخ يدون كل كبيرة وصغيرة في سجل مسطور ، والحاذق من أمهر في منجزاته وخلد في الصالحات ذكره ويكون بها للأجيال المتعاقبة فخور ، ففي التأني راحة وفي التدبر حكمة وفي العجلة تهاون وقصور .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.