كان الطفل يعلم أن ببيتهم زائر من القرية حين يلج باب البيت وتخترق أنفه الصغير رائحة الزعتر البري ، ويتأكد من ذلك عندما يلقي بنظره على الأحذية الموضوعة بباب غرفة الجلوس فيقع بصره على حذاء أو بلغة يعلوها تراب القرية الأحمر ...فيلتفت إلى ركن من أركان فناء المنزل ليرى ما حمله لهم الضيف القروي من منتجات القرية ، فيرى سلة كبيرة من قصب مغطاة بنبات الفصة فيعلم بحدسه أن اغصان هذا النبات الأخضر تخفي تحتها "شكوة "اللبن التي تسبح فيها كويرات الزبدة البلدية الطازجة
إحساس غريب يغمر كيانه الفتي ،ويحرك في دواخله الشوق للبادية التي له فيها ذكريات جميلة حيث كان أبوه يرافقه لزيارتها كل عطلة صيفية ...
واليوم وهو يتذكر كل ذلك ويأخذه الحنين لتلك الأيام ، يشتاق إلى مذاق ذلك اللبن وتلك الزبدة ويأسف وهو يرى أبناءه يستلذون اللبن المعلب والممزوج بالمواد الحافظة ويقبلون على استهلاك الأكلات المنسمة بنكهات كيماوية ...
الصلة بالبادية شبه منقطعة بل غزت رياح التغيير البادية،حين زارها آخر مرة أخذته الدهشة حين رأى احدهم يقتني علبة حليب مبستر من دكان القرية ...
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.