ولجت فاطمة الفتاة القروية كلية الطب من الباب الواسع بعد اجتيازها للمباراة بنجاح ، لكن الحياة لا تتوقف على مؤهلات الفرد فقط،هناك معيقات تحيط بتحقيق الأحلام ،يحتاج المرء إلى من يقف بجانبه ،من يشجعه على الاستمرار كلما أحس بالإحباط أو الملل،محتاج لأناس يشعرونه بالأمن والاستقرار ...هذا ما تفتقده فاطمة التي لم تتمم بعد عقدها الثاني من العمر ...
وجدت فاطمة نفسها مع ثلاث فتيات في شقة اشترك آباؤهن في كرائها غير بعيد عن الكلية، فتيات من سنها ،لهن نفس الحلم وتجمعهن الدراسة ،لكنها كانت تشكل استثناء بينهن ،
فهن متعودات على جو المدينة ،مستأنسات بصخبها،ناشئات في إحيائها ،يعلمن تفاصيل العيش فيها ،أمور تغيب عن فاطمة ،تشعرها بالغربة عن هذا العالم الذي توجد فيه الآن ...
عالم مختلف تماما ،الفتيات هنا أكثر انفتاحا وجرأة ،وهي الفتاة القروية التي تستحيي من أمور تعتبرها رفيقاتها عادية ،أسلوب الحديث وطريقة اللباس ومواضيع التفكه بل وعالم الدراسة في الجامعة ، كلها أمور لم تكن تخطر على بال فاطمة ،كان حلم ارتداء وزرة الطبيبة مسيطر على تفكيرها مند الصغر،ولم تكن تعلم ان تحقيق هذا الحلم محاط بأمور أخرى غير الدراسة والمثابرة...
انزوت فاطمة في ركن من غرفتها في الشقة ،اكتنفتها مشاعر الإحساس بالإحباط،وغمرها الشوق لاهلها ،فاجهشت بالبكاء ،تجمعت حولها رفيقاتها ،واخذن يهدئنها ،ويحاولن التخفيف عنها ،قالت احداهن لفاطمة
-لا داعي لكل هذا الحزن يافاطمة ،ستتعودين على العيش معنا ،فنحن نشعر بما تشعرين به....هيا امسحي دموعك وابتسمي ...
لكن الشعور بالإحباط وصدمة الواقع الجديد كانا مستوليين على افكار فاطمة ...فردت بحزم
-انا لا اطيق العيش هنا ،لن أتحمل ...
حملت هاتفها النقال وهاتفت أباها
-آلو ...آلو ...أبي ...أريد العودة إلى القرية ...أرجو أن تأتي غدا لترجعني ....
كلام أدهش رفيقاتها ،بل قالت إحداهن لفاطمة مأنبة
-أنت ستتعبين أباك بهذا التصرف ...ونزعت منها الهاتف لتتحدث مع أب فاطمة
-آلو ...الحاج لا تتعب نفسك ...ففاطمة بخير ...وإن كان الأمر يستدعي حضورك سنعيد الاتصال...اطمئن...
عاد لفاطمة البعض من رشدها ،وهدأت ...لكن وقع الصدمة ما زال يتردد في ذهنها....
/يتبع/
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.