jeudi 6 juin 2019

صائد الجرذان // هشام الطائي // العراق


كنت ثالث ثلاثة في جلسة نقاش وحوارمسائية ودية، نتبادل فيها كعادتنا أطراف السباب والشتائم لبعضنا البعض حول اختلاف وجهات الرأي في شخصيات مرشحينا المرتقبين للانتخابات (البرمائيه)المقبلة عن مدينتنا، يدفعنا في ذلك اختلاف مرجعياتنا الطائفية والعشائرية والحزبية وكما هوحال أي خلاف عراقي عراقي فغالبا ماننهي جلستنا (بعركة) اقل ماتسقط فيها (قنادرنا)وإلى فساد ودنا دون التوصل الى اي اتفاق يذكرعلى مرشح واحد
إلا أنه مالفت انتباهي حقا أحد أصدقائي المقربين وقد التزم الصمت وهو ينفث بدخان سجائره المتعاقبة دون شعورمنه طيلة فترة (لغوتنا)،كان غارقا في التفكير ودخان سجائره، وكأن حالة من الإغماء اعترته ، فلم يعر أهمية لهذا السيل الجارف من الضوضاء ولغط الاختلاف والألفاظ البذيئة التي ضج بها المكان حول تاريخ المرشحين والمرشحات وسيرهم الذاتية،حقا لقد أصابني القلق لحالته
فنكزته بسبابتي في خصره ،طالبا منه سيجارة ،ولكي أحثه على الرجوع إلى موضوع الجلسة، فلم أفلح في ذلك فتركته لبرهة ،لم يمر وقتا طويلا حتى انتهت جلسة المشاتمة هذه بخير دون إصابات تذكر،فرأيت أن أبقى معه بعد انصراف أحد الأصدقاء كي يسرني فيما أصابه،فسالته مالذي حدث صديقي ؟أين كنت!!؟
..قال :ذكريات ليس إلا
قلت ،أسمعنيها إن كان فيها مغامرات رومانسيه أو حكايا نسوان؟
قال:لا ياصديقي ،هي حكايا تشعل الصدور كمدا،وتكوي المآقي حزنا، يعني شي مايشبه شي ،فقلت كلي آذان صاغية
(فقال :اريد وعدا بعدم نشرها (ولزمة شوارب
فقلت :لك ذلك
:فانبرى صديقي قائلا
كان لي صديق طفولة وصبا ،لزمته حتى نهاية سبعينيات القرن المنصرم ، حيث سنين القحط والفقر والجهل وكنا ننحدر من عوائل عمالية كادحة تسكن بين أكوام (الصرايف) التي بنيت بالقرب من مبازل المجاري وشطآن المياه الثقيلة في مدينتي،حيث تكثر المراتع الخصبه والبيئة الصحية لتكاثر الجرذان الصفوية والفئران المنغولية ،وكان لكل منا هوايته وألعابه البدائية والتي غالبا ماكنا نصنعها بايدينا من مواد أولية نحصل عليها من خلال البحث عنها في أماكن رمي (زبالة) أبناء الذوات الأغنياء ،يعني( تك) نعال اسفنج ابو الاصبع مثلا ،او قندرة جلد انكليزيه ،وهذه المواد تدخل في صناعة المصياده حصرا وذلك لعسر الحال وضآلة المال فلا قدرة لنا لشراء الدوامات والدعابل وغيرها
،وبعد عناء وصبر طويلين فكرت ذات يوم ان أجمع مبلغا من المال كي اشتري (لايت)مصباح يدوي يعمل ببطاريتين، وبالفعل اشتريته وكم كنت مزهوا وهو يبعث بضيائه بعيدا وفوق منازلنا ليلا، لقد كان انجازا رائعا افتخر به الى اليوم ،أما صديقي موضع القصة فكان محترفا بصناعة (المصايد)مصائد الطيور ليبتاعها لنا احيانا، وقد احتفظ لنفسه بواحده (اسبيشل) كان يستخدمها لقنص الجرذان وتحطيم ادمغتها اذا ساقها حضها العاثرووقعت أمام ناظريه وبمساعدة اللايت الذي اشتريته ،كنا نقوم سوية بجولات ليلية لصيد الجرذان الوديعة الآمنة،لازالت صورته محفورة في ذاكرتي وهو يقتفي أثرجرذ قادته المنية ،كان يلهث وهو يعض دشداشته (البازه) بأسنانه باديا كل الشروالقسوة عن ناجذيه كذئب متوحش اذا صال على فريسته ليرديه جريحا متدحرجا أمامه، وبعد نهاية الصولة نعود سوية بالقنيص والغائنم وماملكت مصائدنا الى مثابة أعلى شاطيء البزل حاملين معنا كيسا تملأه الجرذان الجريحة ،الا انه اشد ماكان يحزنني ما يقوم به صديقي، حيث يعمد الى تجميع هذه الجرذان المدماة ادمغتها او التي لازال فيها رمق فيضعها في حفرة(محرقة) أعدها سابقا فيسكب النفط الابيض في تلك الحفره فيقذف عود ثقاب مشتعل نحوها ويحرقها، ويقف هو منتشيا فخورا أمام منظرها وهي تشوى وتغلي فيتصاعد دخانها ورائحة الشواء النتنة المنبعثه مع الرياح الى عنان السماء وتدخل فتحات بيوتنا الطينية وتتخلل قصبات الصرائف نحو ساكنيها البسطاء،لقد ذاق الناس منها ذرعا واستاؤا ،ولكن من يجرؤ ؟
انه فتى سادي يميل الى العبثية والإجرام وإيذاء من يقف أمامه
مرت اأايام وتطور الحال وجف الشط وانحسرت مياه الجداول وسرق نخيل البرحي بفعل تعاقب الحروب وسنين القحط ابان حكم الصبية والطغاة ،وهاجرنا نحو مركز المدينه وانقطعت عني اخباره تماما ،ولكن وبعد العام 2003،بداية السنين العجاف وعودتنا الى وطأة الجوع والاستعباد وظهور الميليشيات وانتشار عمليات القتل والذبح والاختطاف ظهر الى السطح اسم صديقي هذا السادي ،يتداوله الناس كقائد فصيل للاغتيلات يتبع حزبا إسلاميا لغرض تصفية الحسابات والثأر ،ظهربهيئة إمام علوي موسوي داعيا للمعروف وجيها يصلي خلفه الناس في حسينية تحمل اسمه وسط المدينة،هذا ما كان في العلن ،وبعد ان فاحت رائحته وانتشار أخباره السيئة في المدينة قيل إنه اقتيد إلى القضاء وهدمت حسنيته ،فقلت فليحيا القضاء العراقي العادل
:قاطعني بسرعه وقال
لا تتعجل الأمور صديقي ودعني أكمل
فقلت وهل هناك بقية؟
قال بقية لاتخطر على بال الحمقى أمثالك ،نعم ياصديقي، إن هذا السيد والإمام العادل اليوم وصائد الجرذان بالامس تفاجأت بصوره المزكرشه تملأ شوارعنا،وشعاراته وبرامجه الحكومية الدعائية الانتخابية وقد اعتلت أعمدة الكهرباء ،لقد رشح نفسه نائبا في برلمان العراق المقبل،وربما سيفوز
:ثم همس صديقي بأذني وقد أخذ جبينه يتصبب عرقا وقال متوسلا
لاتنس اننا تعاهدنا وأقسمت لي، (ولزمت شواربك )على أن لاتذيع هذا السر، لانه إن 
حصل و فاز وأصبح برلماني سيصل لي ويصيدني



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.