jeudi 5 mars 2020

كلمة دمرت حياة تلميذة // عبد الرحمان الخزاعي // المغرب

سنة 1973 كُلِّفْتُ بتدريس القسم الخامس و هو المستوى الإشهادي الذي يخول آنذاك الحصول على الشهادة الابتدائية؛ فصل دراسي متكامل و متناسق أغلب تلاميذه و تلميذاته مجدون و مجدات، مجتهدون و مجتهدات و قد كان من بينهم و من بينهن تلميذة متقدة الذكاء، حاضرة البديهة تجد و تجتهد أكثر من الجميع مقبلة على الدراسة و التحصيل بنهم قل نظيره
مضت السنة الدراسية سريعا فنسبية الزمن تطول إبان الأيام العصيبة بينما تقصر عندما نحس بالارتياح
في معيشنا اليومي و بالأخص في حياتنا العملية. و كما تعودنا خلال نهاية كل موسم دراسي بالنسبة لقسم الشهادة الابتدائية يتكلف كل معلم بملء الملفات الخاصة بكل تلميذ و تلميذة مع ضرورة إرفاقه بعقد ازدياد لكي يتم السماح له باجتياز امتحان الحصول على الشهادة الابتدائية ، أحضر كل التلاميذ و التلميذات الوثيقة المطلوبة باستثناء تلك التلميذة المتميزة و لما ألحيت عليها بالطلب زارتني أمها في القسم لتخبرني بأنها أمها فقط بالتبني ، و أن البنت لا تعرف ذلك و لا ينبغي أن تعلم به و فجأة بدأت الأم تولول و تولول و هي تضرب فخذيها بكل قوة و بسرعة مذهلة موجهة كلامها لابنتها بالتبني : " ألم تخبريني بأنك اليوم ستكونين عند معلم اللغة العربية ماذا تفعلين هنا؟" أجابت البنت و قد امتقع وجهها و انطفأت منه أنوار الطفولة البشوشة " معلم العربية غائب و بعد توزيع التلاميذ على باقي الأقسام اخترت أن أقضي بقية اليوم عند معلم اللغة الفرنسية كي أستفيد من الدروس التي يقدمها للفوج الثاني "، بعد بضعة أيام من الواقعة أحضرت التلميذة عقد ازدياد ينسبها لامرأة و لا وجود لاسم أب به
منذ تلك اللحظة انقلب حال التلميذة المجدة رأسا على عقب فما عادت مجدة كما كانت بل أصبحت كثيرة الغياب و الشرود في حال حضورها و ما كان يزيد الأمور تعقيدا هي تلك النظرات المزدرية و العبارات المتهكمة التي يوجهها لها بعض التلاميذ و التلميذات خصوصا أولئك الذين و اللواتي كانوا يحسدونها و يغارون منها. مستقبل زاخر و زاهر ضاع في لحظة و بكلمة متسرعة من أم لم تتبين و لم تتمهل قبل أن تتحدث، كلمة ذبلت بفعلها زهرة يانعة، ريحانة ترنو للمستقبل بأعين طامحة متفائلة
بعد الامتحان انقطعت عني أخبارها و لكن بين الفينة و الفينة يطلع علينا من يخبرنا بمستجد عنها لكنه لا يبشر بخير أبدا، كلما ذكرت أو تذكرت تلك الزمردة اللامعة و ما 
آلت إليه أحوالها يتعصر الألم قلبي و يفيض الدمع من عيني أسفا و أسى




1 commentaire:

  1. للأسف انعدام الوعي والأخلاق وعدم تقبل الآخر

    RépondreSupprimer

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.