وفي لحظة انتهى الكلام ..وشيعته الشفاه تحت نظرات أطفال القرية ، صارت أقربَ إليَّ من ظلي ، وصرت بين ضجيجين حين طوقني ذراعها ، ضجيج قلبينا وتسارع النبضات ، وضجيج ما تسكبه شفتاها من ضحكات ، كأنها خلعت ذراعها خوفا تبحث عن الأمان ، وذراعي بر السكينة والأمنيات . كنت كاليتيم ، يداي جائعتان للمسة حنان ،فسحبت كفها بكفي حتى صرت قاب قوسين أو أدنى من أن أحضنها ، همسها القريب مني كأنه رصاصة موت تكاد ترديني صريع الهوى واللهفات ، لكن يموت الموت لأبقى لأجلها على قيد الحياة ..
طوقتها بذارعي وأنا أسألها في نفسي : أتراك اللحظة تشعرين بي ؟ ربما هي أيضا تطرح نفس السؤال لكن بخجل الإناث .. ما كان همي سوى أن نمشيَ صوب سماء وجدنا واثقيِّ الخطوات .. ونطلق الجموح لبوحنا بلا تردد أو خجل أو وجل ، ونسرح لا نخشى مما هو آت ..وما كنت أريد أن أخبرها هو أن لا تلتفت كالمسكونة إلى كل الجهات ،بل تغمض عينيها لنستشعر بعضنا البعض أكثر، فنحلق سويا ونصعد إلى عالم الأساطير والخرافات ، نتجرد من الوجود المحيط بنا ، ليغسلنا من ترنحات الحب نهر النيل والفرات ، ونحن نتشابك بالأيادي وددت لو خبأتها في معطفي في تلك اللحظة وأسميها سري ، لأقف على عتبة جمالها كل صباح ، أفقأ عين الحنين وحزن النايات ..أرسمها لوحة تختصر ما يفصلنا من مسافات ، فقد كنت أسمع صوت مؤذن يؤذن حينها : حي على الحياة ..
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.