ذات أصيل ناهز العقود كنت موفور الحظ الشعري أغرس عيني في نعيم الحقول التي رسمتني سواقي رقراقة حين تلامسها شمس الأصيل كانت تعزف على زغب العصافير شوطا كاملا من التهيج على أشرعة خيال يطلق عنان العبير المرتعش الأوراق المتمايلة اليخضور ، كنت عاشق الأصيل أداعب خصلات حرية أتحرى غناء التوت ، أبادل الكرز هيامه الثمل ، كان الماء مجنون بدفئه يترك للمرايا أوتارا ذهبية في ذهول الاندياح وعلى رغبة الشمس كنت صغير حلم أتكشف من هواجس التراب البني تلاقح أفكاري سفريات طير منسجم الأجنحة لا يشكو وطء الليل ، فقد كان الليل مبتهجا وهو ينبجس من خيوط الأصيل كأيما طفل يستنشق من فطرته عبق الرياحين الراعية لحلمه المدلل ،والإمارة التي بسطت جزرها على أهداب المدى الأخضر كانت من ومض حياة عفيفة من صراخ وحصى وغبار ، حتى أن السكون عمر طويلا خلوة الدوحات الحالمة ، ذالك الهرج والمرج والصراخ الحزبي والعصبي والمذهبي لم يكن سوى وشم على وجه شيخ غائر الجروح بعينيه الغائرتين وبتجاعيده المتقاتلة كان الشيخ المتجلد بصخور الهموم الرواسي يأبى أن يوقف حلمي الصغير المدلل ، وكلما صادفته كان ينغلق على كهوفه التاريخية لكي يخلو لي عرس الهواء ، ذلك الشيخ الذي تشهى صمته حتى الموت تذكره تلك التلال الرحبة وتخلده جزر الحلم الممتدة على أوصالي وحين الحنين المتأصل أذكر وجهه الكتوم المتمنع أذكر ذاكرته بخير فيحلو حلمي عصير صبي لم يبلغ حلم العجز المكبل لغناء الأصيل المتجذر في أعماقي
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.