dimanche 16 février 2020

حلم تبخر // محمد بوعمران // المغرب


تسرع ملاحقة ظلها وهي تسير على رصيف الشارع،يضايقها منظر حذائها الذي علاه بعض الغبار ونقص من بريق لمعانه.كانت الرياح تعبث بشعرها وتحدث فيه فوضى عارمة زادت من توترها فتمرر يدها عليه لتعيد ترتيب خصلاته بأناملها ، تعبر الشارع وهي في حرب مع الرياح التي تعاكسها وتقوض كل مظاهر الأناقة التي أنفقت عليها قدرا محترما من المال والوقت ، وهي تقاوم معاكسة الرياح كانت تصل الى مسمعها عبارات هامسة تنفث في أذنيها كلمات الإعجاب والمغازلة وكانت تستقبل الكلمات دون أن تنظر إلى من يرسلها
لم تكن الرياح رحيمة بأناقتها ،رياح تزداد قوتها مع تقدمها في السير لتزيدها توترا فتقف وتنحني لمسح حذائها بمنديل ورقي لتعيد له بعض توهجه .شعرت بأنها في حاجة إلى مرىة لتراقب آثار الرياح المغبرة على مظهرها فتدلف إلى مقهى متجهة نحو المرحاض ، تقف أمام المرآة وتخرج من حقيبتها مشطا صففت به شعرها ثم صححت ما تبعثر على وجهها من مساحيق
قطرات الماء التي بدأت ترش الرصيف منعتها من مغادرة صالة المقهى فانزوت في ركن وطلبت فنجان قهوة في انتظار هدوء الجو لكن زخات المطر أنذرتها بأن متابعة السير مغامرة قد تجرف أناقتها وتلخبط كل الأصباغ والمساحيق على محياها
أصبح من المفروض عليهاالبحث عن مخرج من هذا المأزق فلم يكن أمامها حل آخر سوى الوقوف على الرصيف وأمام المقهى لتوقف سيارة أجرة بإشارة بيدها ، بعد أن استوت في المقعد الخلفي للسيارة أزاحت عن كتفيها قطرات الماء ونظرت الى مرآة السيارة لتعيد تصفيف خصلات شعرها
كانت حريصة على الظهور بمظهر أنيق وهي ستلتقي برجل تعلق عليه آمالا وتطلعات لمستقبل مشرق كسكرتيرة في شركة مشهورة
تغادر سيارة الأجرة ، تدخل مصعد العمارة، ترتب شعرها، تمرر يديها على بدلتها الزرقاء
يتوقف المصعد أمام مكتب المدير ، تجده مغلقا ، يخبرها الحارس أن مع المدير لجنة تفتيش
تسأله مرتبكة
ما الأمر....ماذا فعل ؟-
يرد عليها هامسا
..يقولون إنه تورط في أمور خطيرة و -
فجاة يفتح باب المكتب ويخرج المدير مطأطئا رأسه وهو محاط بزواره
تغادر المكان ، تعود من نفس الطريق الذي أتت منه ، كانت الرياح قذ هدأت والجو أصبح صحوا ، وفتر في أعماقها ذلك الحرص الشديد على أناقة المظهر...تبخر الحلم





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.