mardi 18 février 2020

كاتب // حميد طنانة // المغرب


منذ الطفولة وهو يحلم أن يصبح كاتبا، كان يلتهم كل شيء يجده أمامه، ولو كانت ورقة أتت بها أمه من عند البقال، بداخلها قسط صغير من الخميرة..، أو ورقة لحبات "الزريعة "او الكاكاو
كلما حط بجيبه بقشيشا إلا أسرع لجوطية الكتب البالية، يبحث عن الأرخص، لكي يتمكن من أخذ أكثر عدد ممكن ، هو لايهمه العنوان ولا الكاتب
ما يهمه هو ما بداخل الكتاب و أن يتأبط كتبا عديدة، ليدفن نفسه فيها، وينعزل عن العالم الخارجي شهورا كثيرة، ليطور مستواه الفكري واللغوي

مرت الأعوام سريعا، وهاهو يرى قصته منشورة بجريدته المفضلة، طار فرحا ،وطوح بيديه عاليا ،حتى انسكب كأس القهوة فوق كتاب لنزار قباني، "أحبك أحبك والبقية تأتي" أصبح لون الكتاب جميلا أكثر، ورسم عليه لون البن قلبا رائعا، تركه يجف، أعجبه جدا.. ماأجمل اللوحة حين ترسم لوحدها دون يد.. ،صدفة تأتي تسبح في الدهشة
حين أصبح كاتبا يضرب له ألف حساب، أراد أن يطبع كتبه الخمسة دفعة واحدة، اتفق مع دار للنشر، ووقع معها العقد. لما رجع لمنزله كان بشوشا، حين فتحت زوجته الباب قبلها قبلات كأنه كان مسافرا منذ عام أو أكثر، حتى اندهشت هي للأمر، وبدأت تنظر اليه باستغراب.. في الصباح فتح القناة الإخبارية، كانت العاصمة تهيج بالمتظاهرين والثوار
في المساء انتشرت العدوى إلى جميع المدن، اختلط الحابل بالنابل ،
الجيش والشرطة تطلق الرصاص على المتظاهرين، النيران مشتعلة في الابناك والمحلات التجارية والشركات وفي بعض السيارات والحافلات... ،كان الوضع ضبابيا للغاية، والمؤشرات تتجه إلى حرب بين الدولة والشعب، أوإلى حرب أهلية، لن يستطيع الوطن الجريح الخروج منها ابدأ
هاتف صاحب المطبعة الكاتب وهو يجهش بالبكاء، أخبره أن كل ما تحويه المطبعة أصبح رمادا... وضع الهاتف قبل أن ينهي المكالمة وقفز إلى الصالون يبحث عن محفظته
المحفظة هي الأخرى نسيها يوم العودة من العاصمة في رف القطار.
جلس في الصالون يرتعد، منحته زوجته كأس ماء.،تفوه بكلمة واحدة، لقد ضاع كل شيء ،ثم غرغر وسقط فوق الزربية التي استقدمها ذات زيارة للديار الفرنسية



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.